وهذا جنوح منه إلى أن «ما» قد تقع على أولي العلم ، ولكن المشهور خلافه وأما قوله : «سبحان ما سخركن لنا» فسبحان غير مضاف بل هو كقوله :
٦٩٥ ـ ............... |
|
سبحان من علقمة (١) |
وما مصدرية ظرفية.
قوله : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) مبتدأ وخبر و «كل» مضافة إلى محذوف تقديرا أي : كل من في السموات والأرض. وقال الزمخشري : «ويجوز أن يكون كل من جعلوه لله ولدا».
قال الشيخ (٢) : «وهذا بعيد جدا لأن المجعول ولدا لم يجر له ذكر ، ولأن الخبر يشترك فيه المجعول «ولدا» وغيره» قوله : «لم يجر له ذكر» بل قد جرى ذكره فلا بعد فيه.
وجمع «قانتون» حملا على المعنى لما تقدم من أن «كلّا» إذا قطعت عن الإضافة جاز فيها مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى وهو الأكثر نحو : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٣) (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ)(٤) ومن مراعاة اللفظ : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ)(٥) (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ)(٦) ، وحسن الجمع هنا لتواخي رؤوس الآي.
والقنوت : الطاعة والانقياد أو طول القيام أو الصمت أو الدعاء.
(بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(١١٧)
قوله تعالى : (بَدِيعُ السَّماواتِ) : المشهور رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هو بديع. وقرئ (٧) بالجر على أنه بدل من الضمير في «له» وفيه الخلاف المشهور. وقرئ (٨) بالنصب على المدح ، وبديع السموات من باب الصفة المشبهة أضيفت إلى منصوبها الذي كان فاعلا في الأصل ، والأصل : بديع سماواته أي بدعت لمجيئها على شكل فائق حسن غريب ، ثم شبهت هذه الصفة باسم الفاعل فنصبت ما كان فاعلا ، ثم أضيفت إليه تخفيفا ، وهكذا كل ما جاء من نظائره فالإضافة لا بد وأن تكون من نصب لئلا يلزم إضافة الصفة إلى فاعلها ، وهو لا يجوز كما لا يجوز في اسم الفاعل الذي هو الأصل.
وقال الزمخشري : «وبديع السموات» من باب إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها.
ورد عليها الشيخ (٩) بما تقدم ، ثم أجاب عنه بأنه يحتمل أن يريد إلى فاعلها في الأصل قبل أن يشبه ، وأجاز الزمخشري فيه وجها ثانيا : وهو أن يكون «بديع» بمعنى مبدع كما أن سميعا في قوله عمرو بمعنى مسمع نحو :
٦٩٦ ـ أمن ريحانة الدّاعي السّميع |
|
يؤرّقني وأصحابي هجوع؟ (١٠) |
__________________
(١) تقدم.
(٢) البحر المحيط (١ / ٣٦٣).
(٣) سورة الأنبياء ، آية (٣٣).
(٤) سورة النمل ، آية (٨٧).
(٥) سورة الإسراء ، آية (٨٤).
(٦) سورة العنكبوت ، آية (٤٠).
(٧) انظر البحر المحيط (١ / ٣٦٤).
(٨) انظر المصدر السابق.
(٩) انظر البحر المحيط (١ / ٣٦٤).
(١٠) البيت لعمرو بن معديكرب انظر أمالي ابن الشجري (١ / ٦٤) ، الأصمعيات (١٧٢) ، شرح المفصل لابن يعيش (١ / ٧٣) ، مشكل القرآن (٢٩٧) ، اللسان «سمع».