٦٩٢ ـ كأنّ الحصى من خلفها وأمامها |
|
إذا نجلته رجلها خذف أعسرا (١) |
أي : رجلها ويدها. وفي المشرق والمغرب قولان :
أحدهما : أنهما اسما مكان الشروق والغروب.
والثاني : أنهما اسما مصدر أي : الإشراق والإغراب ، والمعنى : الله تولى إشراق الشمس من مشرقها وإغرابها من مغربها ، وهذا يبعده قوله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) وأفرد المشرق والمغرب إذ المراد ناحيتاهما ، أو لأنهما مصدران وجاء المشارق والمغارب باعتبار وقوعهما في كل يوم ، والمشرقين والمغربين باعتبار مشرق الشتاء والصيف ومغربيهما. وكان من حقهما فتح العين لما تقدم من أنه إذا لم تنكسر عين المضارع فحق اسم المصدر والزمان والمكان فتح العين ، ويجوز ذلك قياسا لا تلاوة.
قوله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) «أين» هنا اسم شرط بمعنى «إن» و «ما» مزيدة عليها «وتولوا» مجزوم بها وزيادة «ما» ليست لازمة لها بدليل قوله :
٦٩٣ ـ أين تضرب بنا العداة تجدنا |
|
............... (٢) |
وهي ظرف مكان ، والناصب لها ما بعدها ، وتكون اسم استفهام أيضا فهي لفظ مشترك بين الشرط والاستفهام ك «من» و «ما» وزعم بعضهم أن أصلها السؤال عن الأمكنة وهي مبنية على الفتح لتضمنه معنى حرف الشرط أو الاستفهام وأصل تولوا : توليوا فاعل بالحذف. وقرأ الجمهور : تولوا بضم التاء واللام بمعنى تستقبلوا ، فإن «ولي» وإن كان غالب استعمالها أدبر فإنها تقتضي الإقبال إلى ناحية ما. تقول : وليت عن كذا إلى كذا. وقرأ الحسن : «تولوا» بفتحهما ، وفيها وجهان :
أحدهما : أن يكون مضارعا ، والأصل : تتولوا من التولية فحذف إحدى التاءين تخفيفا نحو : «تنزل الملائكة» (٣).
والثاني : أن يكون ماضيا والضمير للغائبين ردا على قوله : «لهم في الدنيا ولهم في الآخرة» فتتناسق الضمائر وقال أبو البقاء :
والثاني : أنه ماض والضمير للغائبين ، والتقدير : «أينما يتولوا» يعني أنه وإن كان ماضيا لفظا فهو مستقبل معنى ، ثم قال : «وقد يجوز أن يكون ماضيا قد وقع ولا يكون «أين» شرطا في اللفظ بل في المعنى كما تقول : «ما صنعت صنعت» إذا أردت الماضي ، وهذا ضعيف لأن «أين» إما شرط أو استفهام ، وليس لها معنى ثالث انتهى وهو غير واضح.
__________________
(١) البيت لامرئ القيس انظر ديوانه (٦٤) ، العيني (٤ / ١٦٩) ، الكامل (٣ / ١٠٦) ، اللسان «خذف». قوله (خذف) هو الرمي بالحصى ونحوه والأعسر الذي يرمي بيده اليسرى.
(٢) صدر بيت السلولي وعجزه :
............... |
|
نصرف العيس نحوها للتلاقي |
شرح المفصل لابن يعيش (٤ / ١٠٥) ، وهو من شواهد البحر (١ / ٣٥٥).
(٣) سورة القدر ، آية (٤).