للإثبات ، وإنما حذفت الهمزة تخفيفا.
قوله : (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) «الناس» مفعول أول و «السحر» مفعول ثان. واختلفوا في هذه الجملة على خمسة أقوال :
أحدها : أنها حال من فاعل «كفروا» أي : كفروا معلمين.
الثاني : أنها حال من الشياطين ، ورده أبو البقاء بأن «لكن» لا تعمل في الحال. وليس بشيء فإن «لكن» فيها رائحة الفعل.
الثالث : أنها في محل رفع على أنها خبر ثان للشياطين.
الرابع : أنها بدل من «كفروا» أبدل الفعل من الفعل.
الخامس : أنها استئنافية أخبر عنهم بذلك ، هذا إذا أعدنا الضمير من «يعلمون» على الشياطين ، أما إذا أعدناه على الذين (اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) فتكون حالا من فاعل «اتبعوا» أو استئنافية فقط.
والسّحر : كل ما لطف ودقّ. سحره إذا أبدى له أمرا يدق عليه ويخفى قال :
٦٤٦ ـ ............... |
|
أداء عراني من حبابك أم سحر (١) |
ويقال : سحره : أي خدعه وعلله ، قال امرؤ القيس :
٦٤٧ ـ أرانا موضعين لأمر غيب |
|
ونسحر بالطّعام وبالشّراب (٢) |
أي : نعلل وهو في الأصل : مصدر يقال : سحره سحرا ، ولم يجىء مصدر لفعل يفعل على فعل إلا سحرا وفعلا.
قوله : (وَما أُنْزِلَ) فيه أربعة أقوال :
أظهرها أن «ما» موصولة بمعنى الذي ، محلها النصب عطفا على «السحر» والتقدير : يعلمون الناس السحر والمنزل على الملكين.
والثاني : أنها موصولة أيضا ، ومحلها النصب لكن عطفا على (ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) والتقدير : واتبعوا ما تتلوا الشياطين ، وما أنزل على الملكين ، وعلى هذا فما بينهما اعتراض ولا حاجة إلى القول ، بأن في الكلام تقديما وتأخيرا.
الثالث : أن محلها الجر عطفا على (مُلْكِ سُلَيْمانَ) والتقدير : افتراء على ملك سليمان ، وافتراء على ما أنزل على الملكين ، وقال أبو البقاء : «تقديره : وعلى عهد الذي أنزل».
__________________
(١) عجز بيت لأبي عطاء السندي وصدره :
فو الله ما أدري وإني لصادق |
|
............... |
وهو من شواهد البحر (١ / ٣١٩) ، اللسان «حبب».
(٢) البيت مطلع قصيدة لامرئ القيس ديوانه (٤٣) ، واللسان «سحر». والبحر ١ / ٣١٩ ، موضعين : سائرين مسرعين. لأمر غيب : لأمر لا علم لنا به ، ويروى : لحتم غيب. ونسحر : نلهى ونخدع ونقطع أيامنا بالأماني.