ضميرا مرفوعا لا يجوز تقديمه على المبتدأ فلا يقال : «قائم زيد» على أن يكون «قائم» خبرا مقدّما ، وهذا عند البصريين ممنوع لما عرفته أنّ ضمير الشأن لا يفسّر إلا بجملة ، والاسم المشتقّ الرافع لما بعده من قبيل المفردات لا الجمل فلا يفسّر به ضمير الشأن.
الثالث : أن يكون «هو» كناية عن الإخراج ، وهو مبتدأ ، و «محرّم» خبره ، و «إخراجهم» بدل منه ، وهذا على أحد القولين وهو جواز إبدال الظاهر من المضمر قبله ليفسّره ، واستدلّ من أجاز ذلك بقوله :
٦٠٠ ـ على حالة لو أنّ في القوم حاتما |
|
على جوده لضنّ بالماء حاتم (١) |
فحاتم بدل من الضمير في «جوده».
الرابع : أن يكون «هو» ضمير الإخراج المدلول عليه بقوله «وتخرجون» ، و «محرّم» خبره و «إخراجهم» بدل من الضمير المستتر في «محرّم».
الخامس : كذلك ، إلّا أنّ «إخراجهم» بدل من «هو». نقل هذين الوجهين أبو البقاء. وفي هذا الأخير نظر ، وذلك أنّك إذا جعلت «هو» ضمير الإخراج المدلول عليه بالفعل كان الضمير مفسّرا به نحو : «اعدلوا هو أقرب» فإذا أبدلت منه «إخراجهم» الملفوظ به كان مفسّرا به أيضا ، فيلزم تفسيره بشيئين ، إلا أن يقال : هذان الشيئان في الحقيقة شيء واحد فيحتمل ذلك.
السادس : أجاز الكوفيون أن يكون «هو» عمادا ـ وهو الذي يسمّيه البصريون ضمير الفصل ـ قدّم مع الخبر لما تقدّم ، والأصل : وإخراجهم هو محرّم عليكم ، فإخراجهم مبتدأ ، ومحرّم خبره ، وهو عماد ، فلمّا قدّم الخبر قدّم معه. قال الفراء : «لأن الواو هنا تطلب الاسم ، وكلّ موضع تطلب فيه الاسم فالعماد جائز» وهذا عند البصريين ممنوع من وجهين : أحدهما : أن الفصل عندهم من شرطه أن يقع بين معرفتين أو بين معرفة ونكرة قريبة من المعرفة في امتناع دخول أل كأفعل من ، ومثل وأخواتها. والثاني : أنّ الفصل عندهم لا يجوز تقديمه مع ما اتصل به. ولهذه الأقوال مواضع يبحث فيها عنها.
السابع : قال ابن عطية : «وقيل في «هو» إنه ضمير الأمر ، والتقدير : والأمر محرّم عليكم ، وإخراجهم في هذا القول بدل من «هو» انتهى.
قال الشيخ (٢) : «وهذا خطأ من وجهين ، أحدهما : تفسير ضمير الأمر بمفرد وذلك لا يجيزه بصريّ ولا كوفيّ ، أمّا البصريّ فلاشتراطه جملة ، وأمّا الكوفيّ فلا بد أن يكون المفرد قد انتظم منه وممّا بعده مسند إليه في المعنى نحو : ظننته قائما الزيدان. والثاني : أنه جعل «إخراجهم» بدلا من ضمير الأمر ، وقد تقدّم أنه لا يتبع بتابع.
الثامن : قال ابن عطية أيضا : «وقيل «هو» فاصلة ، وهذا مذهب الكوفيين ، وليست هنا بالتي هي عماد ، و «محرّم» على هذا ابتداء ، و «إخراجهم» خبر».
__________________
(١) البيت للفرزدق انظر ديوانه (٢ / ٢٩٧) ، العيني (٣ / ١٨٦) ، الشذور (٢٤٥) ، الكامل (٢٣٤) ، ابن يعيش (٣ / ٦٩) ، الكشاف (٤ / ٥١٩) ، ورواية الديوان هكذا :
على ساعة لو كان في القوم حاتم |
|
على جوده ضنّت به نفس حاتم |
(٢) انظر البحر المحيط (١ / ٢٩٢).