صاحب هذا الاسم ، وأقلّ من ذلك إضافتها إلى ضمير المخاطب كقوله :
٥٧٦ ـ وإنّا لنرجو عاجلا منك مثل ما |
|
رجوناه قدما من ذويك الأفاضل (١) |
وتجيء «ذو» موصولة بمعنى الذي وفروعه ، والمشهور حينئذ بناؤها وتذكيرها ، ولها أحكام كثيرة مذكورة في كتب النحو.
و «القربى» مضاف إليه وألفه للتأنيث وهو مصدر كالرّجعى والعقبى ، ويطلق على قرابة الصّلب والرّحم ، قال طرفة :
٥٧٧ ـ وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة |
|
على الحرّ من وقع الحسام المهنّد (٢) |
وقال أيضا :
٥٧٨ ـ وقرّبت بالقربى وجدّك إنه |
|
متى يك أمر للنّكيثة أشهد (٣) |
والمادة تدل على الدّنوّ ضد البعد.
قوله : (وَالْيَتامى) وزنه فعالى ، وألفه للتأنيث وهو جمع يتيم كنديم وندامى ولا ينقاس هذا الجمع ، واليتم : الانفراد ، ومنه «اليتيم» لانفراده عن أبويه أو أحدهما ، ودرّة يتيمة : إذا لم يكن لها نظير. وقيل : اليتم الإبطاء ومنه صبيّ يتيم لأنه يبطئ عنه البرّ. وقيل : هو التغافل لأن الصبيّ يتغافل عمّا يصلحه. قال الأصمعي : «اليتم في الآدميين من قبل فقد الآباء وفي غيرهم من قبل فقد الأمهات». وقال الماوردي : «إن اليتم في الناس أيضا من قبل فقد الأمّهات» والأول هو المعروف عند أهل اللغة يقال : يتم ييتم يتما مثل : كرم يكرم وعظم يعظم عظما ، ويتم ييتم يتما مثل : سمع يسمع سمعا ، فهاتان لغتان مشهورتان حكاهما الفراء ، ويقال : أيتمه الله إيتاما أي فعل به ذلك. وعلامة الجرّ في القربى واليتامى كسرة مقدّرة في الألف ، وإن كانت للتأنيث ، لأنّ ما لا ينصرف إذا أضيف أو دخلته أل انجرّ بالكسرة ، وهل يسمّى حينئذ منصرفا أو منجرّا؟ ثلاثة أقوال يفصّل في الثالث بين أن يكون أحد سببيه العلمية فيسمّى منصرفا نحو : «يعمركم» أو لا فيسمّى منجرّا نحو : بالأحمر ، والقربى واليتامى من هذا الأخير.
قوله : (وَالْمَساكِينِ) جمع مسكين ، ويسمّونه جمعا لا نظير له في الآحاد وجمعا على صيغة منتهى الجموع ، وهو من العلل القائمة مقام علّتين ، وسيأتي تحقيقه قريبا في هذه السورة : وقد تقدّم القول في اشتقاقه عند ذكر المسكنة (٤) واختلف فيه : هل هو بمعنى الفقير أو أسوأ حالا منه كقوله : (مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ)(٥) أي لصق جلده بالتراب بخلاف الفقير فإنّ له شيئا ما ، قال :
٥٧٩ ـ أمّا الفقير الذي كانت حلوبته |
|
وفق العيال فلم يترك له سبد (٦) |
__________________
(١) البيت للأحوص انظر ديوانه (١٨٢) ، الهمع (٢ / ٥٠) ، الدرر (٢ / ٦١) ، البحر (١ / ٢٨١).
(٢) البيت من معلقته المشهورة انظر ديوانه (٣٦) ، وشرح القصائد العشر للتبريزي (١٨١) ، وقد جاء : (على المرء) بدلا من (على الحر) وفي رواية : على النفس.
(٣) البيت من معلقته انظر ديوانه (٢٢) ، شرح القصائد العشر (١٨٣) ، والشنقيطي (٧٦).
(٤) سورة البقرة ، آية (٦١).
(٥) سورة البلد ، آية (١٦).
(٦) البيت للراعي انظر القرطبي (٨ / ١٦٩).