أو أكمل حالا لأنّ الله جعل لهم ملكا ما ، قال : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ)(١) خلاف مشهور بين العلماء من الفقهاء واللغويين.
قوله : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) هذه الجملة عطف على قوله «لا تعبدون» في المعنى ، كأنه قال : لا تعبدوا إلا الله وأحسنوا بالوالدين وقولوا ، أو على «أحسنوا» المقدّر كما تقدّم تقريره في قوله : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ، وأجاز أبو البقاء أن يكون معمولا لقول محذوف تقديره : «وقلنا لهم قولوا وقرئ : حسنا بفتحتين (٢) وحسنا بضمتين ، وحسنى من غير تنوين كحبلى ، وإحسانا من الرباعي».
فأمّا قراءة «حسنا» بالضم والإسكان فيحتمل أوجها ، أحدها وهو الظاهر : أنه مصدر وقع صفة لمحذوف تقديره : وقولوا للناس قولا حسنا أي : ذا حسن.
الثاني : أن يكون وصف به مبالغة كأنه جعل القول نفسه حسنا.
الثالث : أنه صفة على وزن فعل وليس أصله المصدر ، بل هو كالحلو والمرّ ، فيكون بمعنى «حسن» بفتحتين ، فيكون فيه لغتان : حسن وحسن كالبخل والبخل ، والحزن والحزن ، والعرب والعرب.
الرابع : أنه منصوب على المصدر من المعنى ، فإنّ المعنى : وليحسن قولكم حسنا.
وأمّا قراءة «حسنا» بفتحتين ـ وهي قراءة حمزة والكسائي ـ فصفة لمحذوف ، تقديره : قولا حسنا كما تقدّم في أحد أوجه «حسنا».
وأمّا «حسنا» بضمّتين فضمة السين للإتباع للحاء فهو بمعنى «حسنا» بالسكون وفيه الأوجه المتقدمة.
وأمّا من قرأ «حسنى» بغير تنوين ، فحسنى مصدر كالبشرى والرّجعى. وقال النحاس في هذه القراءة : «ولا يجوز هذا في العربية ، لا يقال من هذا شيء إلا بالألف واللام نحو : الكبرى والفضلى» ، هذا قول سيبويه ، وتابعه ابن عطية على هذا ، فإنه قال : «وردّه سيبويه لأن أفعل وفعلى لا يجيء إلا معرفة ، إلا أن يزال عنها معنى التفضيل ، ويبقى مصدرا كالعقبى فذلك جائز وهو وجه القراءة بها». انتهى وقد ناقشه الشيخ (٣) ، وقال : «في كلامه ارتباك لأنه قال : لأنّ أفعل وفعلى لا يجيء إلا معرفة ، وهذا ليس بصحيح. أمّا «أفعل» فله ثلاثة استعمالات :
أحدها : أن يكون معه «من» ظاهرة أو مقدرة ، أو مضافا إلى نكرة ، ولا يتعرّف في هذين بحال.
الثاني : أن يدخل عليه أل فيتعرف بها.
الثالث : أن يضاف إلى معرفة فيتعرّف على الصحيح. وأمّا «فعلى» فلها استعمالان ، أحدهما بالألف واللام ، والثاني : الإضافة لمعرفة وفيها الخلاف السابق. وقوله «إلا أن يزال عنها معنى التفضيل ويبقى مصدرا» ظاهر هذا أنّ فعلى أنثى أفعل إذا زال عنها معنى التفضيل تبقى مصدرا وليس كذلك ، بل إذا زال عن فعلى أنثى أفعل معنى التفضيل صارت بمنزلة الصفة التي لا تفضيل فيها ، ألا ترى إلى تأويلهم كبرى بمعنى كبيرة ، وصغرى بمعنى صغيرة ، وأيضا
__________________
(١) سورة الكهف ، آية (٧٩).
(٢) انظر البحر المحيط (١ / ٢٨٤).
(٣) انظر البحر المحيط (١ / ٢٨٥).