القول منهم بذلك ، هذا هو المشهور في أم المنقطعة. وزعم جماعة أنها تقدّر ب «بل» وجدها دون همزة استفهام ، فيعطف ما بعدها على ما قبلها في الإعراب ، واستدلّ عليه بقولهم : إنّ لنا إبلا أم شاء ، بنصب «شاء» وقول الآخر :
٥٧٠ ـ وليت سليمى في المنام ضجيعتي |
|
هنا لك أم في جنة أم جهنّم (١) |
تقديره : بل في جهنّم ، ولو كانت همزة الاستفهام مقدّرة بعدها لوجب الرفع في «شاء» و «جهنم» على أنها خبر لمبتدأ محذوف ، وليس لقائل أن يقول : هي في هذين الموضعين متصلة لما عرف من أنّ شرطها أن تتقدّمها الهمزة لفظا أو تقديرا ، ولا يصلح ذلك هنا.
قوله : (ما لا تَعْلَمُونَ) «ما» منصوبة بتقولون ، وهي موصولة بمعنى الذي أو نكرة موصوفة ، والعائد على كلا القولين محذوف ، أي : ما لا تعلمونه ، فالجملة لا محلّ لها على القول الأول ، ومحلّها النصب على الثاني ولا يجوز أن تكون هنا مصدرية.
(بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨٢) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ)(٨٣)
قوله تعالى : (بَلى) .. حرف جواب كنعم وجير وأجل وإي ، إلّا أنّ «بلى» جواب لنفي متقدّم ، سواء دخله استفهام أم لا ، فيكون إيجابا له نحو قول القائل : ما قام زيد فتقول : بلى ، أي : قد قام ، وتقول : أليس زيدا قائما؟ فتقول بلى ، أي : هو قائم ، قال تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا : بَلى)(٢) ويروى عن ابن عباس أنهم لو قالوا : نعم لكفروا. فأمّا قوله :
٥٧١ ـ أليس الليل يجمع أمّ عمرو |
|
وإيّانا فذاك بنا تداني |
نعم وترى الهلال كما أراه |
|
ويعلوها النهار كما علاني (٣) |
فقيل : ضرورة ، وقيل : نظر إلى المعنى ؛ لأنّ الاستفهام إذا دخل على النفي قرّره ، وبهذا يقال : فكيف نقل عن ابن عباس أنّهم لو قالوا نعم لكفروا ، مع أنّ النفي صار إيجابا؟ وقيل : قوله : «نعم» ليس جوابا ل «أليس» إنما
__________________
(١) البيت لعمر بن أبي ربيعة وهو من ملحق ديوانه (٥٠١) ورواية العجز فيه :
............... |
|
لدى الجنة الخضراء أوفى جهنم |
وانظر أوضح المسالك (٣ / ٥١).
(٢) سورة الأعراف ، آية (١٧٢).
(٣) البيتان لحجدر بن مالك وهما في أمالي القالي (١ / ٢٨٢) ، والمقرب (١ / ٢٩٤) ، رصف المباني (٣٦٥) ، المغني (٢ / ٣٤٧) ، الخزانة (١١ / ٢٠١).