أي : تثير
الأرض مرحا ونشاطا لا حرثا وعملا ، وقال أبو البقاء : «وقيل هو مستأنف ، ثم قال : «وهو
بعيد عن الصحة ، لوجهين ، أحدهما : أنه عطف عليه قوله : «ولا تسقي الحرث» فنفى
المعطوف ، فيجب أن يكون المعطوف عليه كذلك لأنه في المعنى واحد ، ألا ترى أنك لا
تقول : مررت برجل قائم ولا قاعد ، بل تقول : لا قاعد بغير واو ، كذلك يجب أن يكون
هنا ، وذكر الوجه الثاني كما تقدّم ، وأجاز أيضا أن يكون «تثير» في محلّ رفع صفة
لذلول وقد تقدّم لك خلاف : هل يوصف الوصف أو لا؟ فهذه ستة أوجه ، تلخيصها : أنها
حال من الضمير في «ذلول» أو من «بقرة» أو صفة لبقرة أو لذلول أو مستأنفة بإضمار
مبتدأ أو دونه.
قوله : (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ ، مُسَلَّمَةٌ
لا شِيَةَ فِيها) الكلام في هذه كما تقدم فيما قبلها من كونها صفة لبقرة
أو خبرا لمبتدأ محذوف. وقال الزمخشري : «ولا الأولى للنفي ـ يعني الداخلة على «ذلول»
ـ والثانية مزيدة لتوكيد الأولى ، لأن المعنى : لا ذلول تثير وتسقي ، على أن
الفعلين صفتان لذلول ، كأنه قيل : لا ذلول مثيرة وساقية».
وقرئ «تسقي»
بضم التاء من أسقى . وإثارة الأرض تحريكها وبحثها ، ومنه (وَأَثارُوا الْأَرْضَ) أي : بالحرث والزراعة ، وفي الحديث : «أثيروا القرآن ،
فإنه علم الأولين والآخرين» ، وفي رواية ، «من أراد العلم فليثوّر القرآن» . ومسلّمة من سلم له كذا أي : خلص. و «شية» مصدر وشيت
الثوب أشيه وشيا وشية ، فحذفت فاؤها لوقوعها بين ياء وكسرة في المضارع ، ثم حمل
باقي الباب عليه ، ووزنها : علة ، ومثلها : صلة وعدة وزنة ، وهي عبارة عن اللمعة
المخالفة للّون ، ومنه ثوب موشيّ أي منسوج بلونين فأكثر ، وثور موشيّ القوائم أي :
أبلقها قال الشاعر :
٥٥٠ ـ من وحش
وجرة موشيّ أكارعه
|
|
طاوي المصير
كسيف الصيقل الفرد
|
ومنه : «الواشي»
للنمّام ، لأنه يشي حديثه أي : يزيّنه ويخلطه بالكذب ، وقال بعضهم : ولا يقال له
واش حتى يغيّر كلامه ويزيّنه. ويقال : ثور أشيه ، وفرس أبلق وكبش أخرج وتيس أبرق
وغراب أبقع ، كلّ ذلك بمعنى البلقة ، و «شية» اسم لا ، و «فيها» خبرها.
قوله : «الآن
جئت» «الآن» منصوب بجئت ، وهو ظرف زمان يقتضي الحال ويخلّص المضارع له عند جمهور
النحويين ، وقال بعضهم : هذا هو الغالب وقد جاء حيث لا يمكن أن يكون للحال كقوله :
(فَمَنْ يَسْتَمِعِ
الْآنَ)(فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ) فلو كان يقتضي الحال لما جاء مع فعل الشرط والأمر
اللذين هما نصّ في الاستقبال ، وعبّر عنه هذا القائل بعبارة توافق مذهبه وهي : «الآن»
لوقت حصر جميعه أو بعضه» يريد بقوله : «أو بعضه» نحو : «فمن يستمع الآن يجد له»
وهو مبنيّ. واختلف في علّة بنائه ، فقال الزجاج : «لأنّه تضمّن معنى الإشارة ،
لأنّ معنى أفعل الآن أي : هذا الوقت». وقيل : لأنه أشبه الحرف في لزوم لفظ واحد ،
من حيث إنه لا يثنّى ولا يجمع ولا يصغّر. وقيل : لأنه تضمّن معنى حرف التعريف وهو
الألف واللام كأمس ، وهذه الألف واللام زائدة فيه بدليل بنائه ولم يعهد معرّف بأل
إلّا معربا ، ولزمت فيه الألف واللام كما لزمت في الذي والتي وبابهما ، ويعزى هذا
للفارسي. وهو مردود
__________________