وقد تقدّم ، و «لنا» متعلّق به ، واللام للعلّة.
قوله : (يُخْرِجْ) مجزوم في جواب الأمر ، وقال بعضهم : «مجزوم بلام الأمر مقدرة» ، أي : ليخرج ، وضعّفه الزجاج ، وسيأتي الكلام على حذف لام الأمر إن شاء الله تعالى.
قوله : (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) مفعول «يخرج» محذوف عند سيبويه تقديره : مأكولا ممّا ـ أو شيئا ممّا ـ تنبت الأرض ، والجارّ يجوز أن يتعلق بالفعل قبله ، وتكون «من» لابتداء الغاية ، وأن يكون صفة لذلك المفعول المحذوف ، فيتعلّق بمضمر أي : مأكولا كائنا ممّا تنبته الأرض و «من» للتبعيض ، ومذهب الأخفش أنّ «من» زائدة في المفعول ، والتقدير : يخرج ما تنبته الأرض ، لأنه لا يشترط في زيادتها شيئا. و «ما» يجوز أن تكون موصولة اسمية أو نكرة موصوفة والعائد محذوف ، أي : من الذي تنبته أو من شيء تنبته ، ولا يجوز جعلها مصدرية لأن المفعول المحذوف لا يوصف بالإنبات ، لأن الإنبات مصدر والمخرج جوهر ، وكذلك على مذهب الأخفش لأنّ المخرج جوهر لا إنبات.
قوله : (مِنْ بَقْلِها) يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون بدلا من «ما» بإعادة العامل ، و «من» معناها بيان الجنس.
والثاني : أن يكون في محلّ نصب على الحال من الضمير المحذوف العائد على «ما» أي : مما تنبته الأرض في حال كونه من بقلها و «من» أيضا للبيان. والبقل كلّ ما تنبته الأرض من النّجم أي : ممّا لا ساق له ، وجمعه : بقول. والقثاء معروف ، الواحد : قثّاءة ، فهو من باب قمح وقمحة ، وفيها لغتان : المشهورة كسر القاف ، وقرئ بضمها (١) ، والهمزة أصل بنفسها في قولهم : اقثات الأرض أي : كثر قثّاؤها ووزنها فعّال ، ويقال في جمعها قثائي مثل علباء وعلابي. قال بعضهم : «إلّا أنّ قثّاء من ذوات الواو ، تقول : أقثأت القوم ، أي أطعمتهم ذلك ، وفثأت القدر سكّنت غليانها بالماء ، قال :
٥٠٣ ـ تفور علينا قدرهم فنديمها |
|
ونفثؤها عنّا إذا حميها غلا (٢) |
وهذا من هذا القائل وهم فاحش ، لأنه لمّا جعلها من ذوات الواو كيف يستدلّ عليها بقولهم : «أقثأت القوم» بالهمز ، بل كان ينبغي أن يقال : أقثيت والأصل : أقثوت ، لكن لمّا وقعت الواو في بنات الأربعة قلبت ياء ، كأغزيت من الغزو ، ولكان ينبغي أن يقال : «فثوت القدر» بالواو ، ولقال الشاعر : نفثوها بالواو ، والمقثأة والمقثؤة بفتح التاء وضمّها : موضع القثّاء. والفوم : الثّوم ، والفاء تبدل من الثاء ، قالوا : جدف وجدث ، وعاثور وعافور ، ومعاثير ومعافير ، ولكنه على غير قياس ، وقيل الحنطة ، وأنشد ابن عباس (٣) :
٥٠٤ ـ قد كنت أغنى الناس شخصا واحدا |
|
نزل المدينة عن زراعة فوم (٤) |
__________________
ـ المقرب (١ /) ، الكامل (٧٢) ، الشذور () ، الكشاف (١ /).
(١) انظر البحر المحيط (١ / ٢٣٣).
(٢) البيت للنابغة الجعدي انظر ديوانه (١٨) ، اللسان «خثأ».
(٣) تقدمت ترجمته.
(٤) البيت لأبي محجن الثقفي وليس في ديوانه انظر الهمع (١ / ١٠٦) ، المحتسب (١ / ٨٨) ، الدرر (١ / ١٣٨) ، الطبري (١ /) ، وفيه أنه ، اللسان «قوم».