٤٠٩ ـ ربّما أوفيت في علم |
|
ترفعن ثوبي شمالات (١) |
و (بِعَهْدِي) متعلّق ب (أَوْفُوا) والعهد مصدر ، ويحتمل إضافته للفاعل أو المفعول. والمعنى بما عاهدتكم عليه من قبول الطاعة ، ونحوه : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ)(٢) أو بما عاهدتموني عليه ، ونحوه : (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ)(٣) ، (صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ)(٤).
قوله : «أوف» مجزوم على جواب الأمر ، وهل الجازم الجملة الطلبية نفسها لما تضمّنته من معنى الشرط ، أو حرف شرط مقدّر تقديره : «إن توفوا بعهدي أوف» قولان. وهكذا كلّ ما جزم في جواب طلب يجري فيه هذا الخلاف.
و «بعهدكم» متعلّق به ، وهو محتمل للإضافة إلى الفاعل أو المفعول كما تقدّم.
قوله : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) «إيّاي» ضمير منصوب منفصل ، وقد عرف ما فيه من الفاتحة. ونصبه بفعل محذوف يفسّره الظاهر بعده ، والتقدير : «وإياي ارهبوا فارهبون» وإنما قدّرته متأخرا عنه ، لأنّ تقديره متقدّما عليه لا يحسن لانفصاله ، وإنّ كان بعضهم قدّره كذلك. والفاء في «فارهبون» فيها قولان للنحويين ، أحدهما : أنها جواب أمر مقدّر تقديره : تنبّهوا فارهبون ، وهو نظير قولهم : «زيدا فاضرب» أي : تنبّه فاضرب زيدا ، ثم حذف : تنبّه فصار : فاضرب زيدا ، ثم قدّم المفعول إصلاحا للّفظ ، لئلا تقع الفاء صدرا ، وإنما دخلت الفاء لتربط هاتين الجملتين. والقول الثاني في هذه الفاء : أنها زائدة.
وقال الشيخ (٥) بعد أن حكى القول الأول : «فتحتمل الآية وجهين :
أحدهما : أن يكون التقدير : وإياي ارهبوا تنبّهوا فارهبون ، فتكون الفاء دخلت في جواب الأمر وليست مؤخرة من تقديم.
والوجه الثاني أن يكون التقدير : وتنبّهوا فارهبون ، ثم قدّم المفعول فانفصل وأتي بالفاء حين قدّم المفعول ، وفعل الأمر الذي هو تنبّهوا محذوف ، فالتقى بحذفه الواو والفاء ، يعني فصار التقدير : وفإياي ارهبوا ، فقدّم المفعول على الفاء إصلاحا للفظ ، فصار : وإيّاي فارهبوا ، ثم أعيد المفعول على سبيل التأكيد ولتكميل الفاصلة ، وعلى هذا «فإيّاي» منصوب بما بعده لا بفعل محذوف ، ولا يبعد تأكيد المنفصل بالمتصل كما لا يمتنع تأكيد المتصل بالمنفصل ، وفيه نظر.
والرّهب والرّهب والرّهبة : الخوف ، مأخوذ من الرّهابة وهي عظم في الصدر يؤثّر فيه الخوف.
__________________
ـ إمام القراء كان ضريرا ولد بشاطبة وتوفي بمصر وهو صاحب حرز الأماني قصيدة في القراءات تعرف بالشاطبية توفي سنة ٥٩٠ ه نكت الهميان (٢٢٨) ، الوفيات (١ / ٤٢٢) ، الأعلام (٥ / ١٨٠).
(١) البت لجذيمة الأبرش وهو من شواهد الكتاب (٢ / ١٥٣) ، النوادر (٢١٠) ، الهمع (٢ / ٣٨) ، الدرر (٢ / ٤١).
(٢) سورة يس ، آية (٦٠).
(٣) سورة الفتح ، آية (١٠).
(٤) سورة الأحزاب ، آية (٢٣).
(٥) انظر البحر المحيط (١ / ١٧٦).