الجمع : آياء ، فظهرت الياء الأولى ، والهمزة الأخيرة بدل من ياء ، ووزنه أفعال ، والألف الثانية بدل من همزة هي فاء الكلمة ، ولو كانت عينها واوا لقالوا في الجمع : آواء ، ثم إنهم قلبوا الياء الساكنة ألفا على غير قياس» انتهى. يعني أنّ حرف العلّة لا يقلب حتى يتحرّك وينفتح ما قبله.
وذهب بعض الكوفيين إلى أن وزنها أيية ، بكسر العين مثل : نبقة فأعلّ ، وهو في الشذوذ كمذهب سيبويه الخليل. وقيل وزنها : فعلة بضم العين ، وقيل أصلها : أياة بإعلال الثاني ، فقلبت بأن قدّمت اللام وأخّرت العين وهو ضعيف. فهذه ستة مذاهب لا يسلم كلّ واحد منها من شذوذ.
قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) .. «بني» منادى وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم وحذفت نونه للإضافة ، وهو شبيه بجمع التكسير لتغيّر مفرده ، ولذلك عامله العرب ببعض معاملة التكسير فألحقوا في فعله المسند إليه تاء التأنيث نحو : قالت بنو فلان ، وقال الشاعر :
٤٠٤ ـ قالت بنو عامر خالوا بني أسد |
|
يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام (١) |
وأعربوه بالحركات أيضا إلحاقا له به ، قال الشاعر :
٤٠٥ ـ وكان لنا أبو حسن عليّ |
|
أبا برّا ونحن له بنين (٢) |
برفع النون ، وهل لامه ياء لأنه مشتق من البناء لأن الابن من فرع الأب ، ومبنيّ عليه ، أو واو لقولهم : البنوّة كالأبوّة والأخوّة؟ قولان. الصحيح الأول ، وأمّا البنوّة فلا دلالة فيها لأنهم قد قالوا : الفتوّة ، ولا خلاف أنها من ذوات الياء ، إلا أنّ الأخفش رجّح الثاني بأنّ حذف الواو أكثر. واختلف في وزنه فقيل : بني بفتح العين وقيل بني بسكونها ، وقد تقدم أنه أحد الأسماء العشرة التي سكّنت فاؤها وعوّض من لامها همزة الوصل.
وإسرائيل : خفض بالإضافة ، ولا ينصرف للعلميّة والعجمة ، وهو مركب تركيب الإضافة مثل : عبد الله ، فإنّ «إسرا» هو العبد بلغتهم ، و «إيل» هو الله تعالى. وقيل : «إسرا» مشتق من الأسر وهو القوة ، فكأن معناه : الذي قوّاه الله. وقيل لأنه أسري بالليل مهاجرا إلى الله تعالى. وقيل : لأنه أسر جنّيّا كان يطفئ سراج بيت المقدس. قال بعضهم : فعلى هذا يكون بعض الاسم عربيا وبعضه أعجميا ، وقد تصرّفت فيه العرب بلغات كثيرة أفصحها لغة القرآن وهي قراءة الجمهور. وقرأ أبو جعفر والأعمش (٣) : «إسرايل» بياء بعد الألف من غير همزة ، وروي عن ورش : إسرائل بهمزة بعد الألف دون ياء ، واسرأل بهمزة مفتوحة بين الراء واللام وإسرئل بهمزة مكسورة بين الراء واللام وإسرال بألف محضة بين الراء واللام ، قال الشاعر :
__________________
(١) البيت للنابغة انظر ديوانه (٧٠) ، وهو من شواهد الكتاب (٢ / ٢٧٨) ، أمالي ابن الشجري (٢ / ٨٠) ، الخصائص (٣ / ١٠٦) ، الإنصاف (١ / ٣٣٠) ، ذيل الأمالي (١٣٩) ، الهمع (١ / ١٧٣) ، المحتسب (١ / ٢٥١) ، ابن يعيش (٣ / ٦٨) ، اللسان «خلا» ، الخزانة (٢ / ١٣١) ، الدرر (١ / ١٤٨) ، البحر المحيط (٥ / ٣٩٠) ، روح المعاني (١٣ / ١٥١).
(٢) البيت لسعيد بن قيس انظر أوضح المسالك (١ / ٣٩) ، العيني (١ / ١٥٦) ، الخزانة (٣ / ٤١٨).
(٣) سليمان بن مهران الأسدي بالولاء أبو محمد أصله من بلاد الريّ ومنشأه ووفاته في الكوفة قال الذهبي : كان رأسا في العلم النافع والعمل الصالح توفي سنة ١٤٨ ه ابن سعد (٦ / ٢٣٨) ، تاريخ بغداد (٩ / ٣) ، الأعلام (٣ / ١٣٥).