الثالث : أنه منصوب ب «خلقكم» المتقدم في قوله : (اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) والواو زائدة. وهذا ليس بشيء لطول الفصل.
الرابع : أنه منصوب ب «قال» بعده. وهو فاسد لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف.
الخامس : أنه زائد ويعزى لأبي عبيد (١).
السادس : أنه بمعنى قد.
السابع : أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره : ابتداء خلقكم وقت قول ربّك.
الثامن : أنه منصوب بفعل لائق ، تقديره : ابتدأ خلقكم وقت قوله ذلك ، وهذان ضعيفان لأن وقت ابتداء الخلق ليس وقت القول ، وأيضا فإنه لا يتصرّف.
التاسع : أنه منصوب ب «أحياكم» مقدّرا ، وهذا مردود باختلاف الوقتين أيضا.
و «للملائكة» متعلّق ب «قال» واللام للتبليغ. وملائكة جمع ملك. واختلف في «ملك» على ستة أقوال ، وذلك أنهم اختلفوا في ميمه ، هل هي أصلية أو زائدة؟ والقائلون بأصالتها اختلفوا ، فقال بعضهم : ملك ووزنه فعل من الملك ، وشذّ جمعه على فعائلة فالشذوذ في جمعه فقط. وقال بعضهم : بل أصله ملأك ، والهمزة فيه زائدة كشمأل ثم نقلت حركة الهمزة إلى اللام وحذفت الهمزة تخفيفا ، والجمع جاء على أصل الزيادة فهذان قولان عند هؤلاء. والقائلون بزيادتها اختلفوا أيضا ، فمنهم من قال : هو مشتقّ من «ألك» أي : أرسل ففاؤه همزة وعينه لام ، ويدلّ عليه قوله :
٣٣٢ ـ أبلغ أبا دختنوس مألكة |
|
غير الذي قد يقال ملكذب (٢) |
وقال آخر :
٣٣٣ ـ وغلام أرسلته أمّه |
|
بألوك فبذلنا ما سأل (٣) |
وقال آخر :
٣٣٤ ـ أبلغ النّعمان عني مألكا |
|
أنّه قد طال حبسي وانتظاري (٤) |
فأصل ملك : مألك ، ثم قلبت العين إلى موضع الفاء ، والفاء إلى موضع العين فصار ملأكا على وزن معفل ، ثم نقلت حركة الهمزة إلى اللام وحذفت الهمزة تخفيفا ، فيكون وزن ملك : معلا بحذف الفاء. ومنهم من قال : هو
__________________
(١) القاسم بن سلّام ـ بتشديد اللام ـ أبو عبيد إمام عصره في كل فن من العلم صاحب الغريب ومعاني القرآن وغير ذلك ، توفي سنة ٢٢٤ ه. البغية (٢ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤).
(٢) البيت في شرح المفصل لابن يعيش (٩ / ١٠٠) ، الخصائص (١ / ٣١١) ، أمالي ابن الشجري (١ / ٦٧) ، المصون ص (٥٥) ، اللسان (ألك) ، المعرب (١٤٢) ، وأبو دختنوس لقيط بن زرارة. ودختنوس بنته أسماها باسم بنت كسرى.
(٣) البيت للبيد. انظر ديوانه (١٧٨) ، الخصائص (٣ / ٢٧٥) ، اللسان (ألك).
(٤) البيت لعدي بن زيد. انظر ديوانه (٩٣) ، المحتسب (١ / ٤٤).