سَبْعِينَ)(١) أي : من قومه ، قاله أبو البقاء وغيره. وهذا ضعيف لوجهين :
أحدهما بالنسبة إلى اللفظ.
والثاني بالنسبة إلى المعنى.
أمّا الأول : فلأنه ليس من الأفعال المتعدية لاثنين أحدهما بإسقاط الخافض لأنها محصورة في أمر واختار وأخواتهما.
الثاني : أنه يقتضي أن يكون ثمّ سموات كثيرة ، سوّى من جملتها سبعا وليس كذلك.
الرابع : أنّ «سوّى» بمعنى صيّر فيتعدّى لاثنين ، فيكون «سبع» مفعولا ثانيا ، وهذا لم يثبت أيضا أعني جعل «سوّى» مثل صيّر.
الخامس : أن ينتصب حالا ويعزى للأخفش. وفيه بعد من وجهين :
أحدهما : أنه حال مقدّرة وهو خلاف الأصل.
والثاني : أنها مؤولة بالمشتقّ وهو خلاف الأصل أيضا.
قوله : (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (هُوَ) مبتدأ و (عَلِيمٌ) خبره ، والجارّ قبله يتعلّق به.
واعلم أنه يجوز تسكين هاء «هو» و «هي» بعد الواو والفاء ولام الابتداء وثم ، نحو : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ)(٢) ، (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٣) (لَهُوَ الْغَنِيُ)(٤) (لَهِيَ الْحَيَوانُ)(٥) ، تشبيها ل «هو» بعضد ، ول «هي» بكتف ، فكما يجوز تسكين عين عضد وكتف يجوز تسكين هاء «هو» و «هي» بعد الأحرف المذكورة ، إجراء للمنفصل مجرى المتصل لكثرة دورها معها ، وقد تسكّن بعد كاف الجرّ كقوله :
٣٢٩ ـ فقلت لهم ما هنّ كهي فكيف لي |
|
سلوّ ، ولا أنفكّ صبّا متيّما (٦) |
وبعد همزة الاستفهام كقوله :
٣٣٠ ـ فقمت للطّيف مرتاعا فأرّقني |
|
فقلت أهي سرت أم عادني حلم (٧) |
وبعد «لكنّ» في قراءة ابن حمدون (٨) : «لكن (هُوَ اللهُ رَبِّي)(٩) وكذا من قوله : «يملّ هو» (١٠).
فإن قيل : عليم فعيل من علم متعدّ بنفسه فكيف تعدّى بالباء ، وكان من حقّه إذا تقدّم مفعوله أن يتعدّى إليه بنفسه أو باللام المقوّية ، وإذا تأخّر أن يتعدّى إليه بنفسه فقط؟ فالجواب : أن أمثلة المبالغة خالفت أفعالها وأسماء فاعليها
__________________
(١) سورة الأعراف ، آية (١٥٥).
(٢) سورة البقرة ، آية (٧٤).
(٣) سورة القصص ، آية (٦١).
(٤) سورة الحج ، آية (٦٤).
(٥) سورة العنكبوت ، آية (٦٤).
(٦) البيت في همع الهوامع (١ / ٦١) ، الدرر (١ / ٣٧).
(٧) البيت. انظر شرح المفصل لابن يعيش (٧ / ١٣٩) ، الخصائص (١ / ٣٠٥) ، الهمع (١ / ٦١) ، الدرر (١ / ٣٧).
(٨) محمد بن حمدويه الواسطي من القراء المبرزين ، توفي سنة ٣١٠ ه. غاية النهاية (٢ / ١٣٥).
(٩) سورة الكهف ، آية (٣٨).
(١٠) سورة البقرة ، آية (٢٨٢).