من الهاء والميم في «لهم» والعامل فيها معنى الاستقرار».
والخلود : المكث الطويل ، وهل يطلق على ما لا نهاية له بطريق الحقيقة أو المجاز؟ قولان ، قال زهير :
٣٠١ ـ فلو كان حمد يخلد الناس لم تمت |
|
ولكنّ حمد الناس ليس بمخلد (١) |
وقال الزمخشري : «هو الثبات الدائم والبقاء اللازم الذي لا ينقطع» وأنشد لامرئ القيس :
٣٠٢ ـ ألا عم صباحا أيّها الطلل البالي |
|
وهل يعمن من كان في العصر الخالي (٢) |
وهل ينعمن إلا سعيد مخلّد |
|
قليل الهموم ما يبيت بأوجال |
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ)(٢٦)
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) : (لا يَسْتَحْيِي) جملة في محل الرفع خبر ك (إِنَّ) واستفعل هنا للإغناء عن الثلاثي المجرد ، وقال الزمخشري : «إنه موافق له» أي : قد ورد حيي واستحيى بمعنى واحد ، والمشهور : استحيى يستحيي فهو مستحي ومستحيى منه من غير حذف ، وقد جاء استحى يستحي فهو مستح مثل : استقى يستقي ، وقرئ به ، ويروى عن ابن كثير. واختلف في المحذوف فقيل : عين الكلمة فوزنه يستفل. وقيل : لامها فوزنه يستفع ، ثم نقلت حركة اللام على القول الأول وحركة العين على القول الثاني إلى الفاء وهي الحاء ، ومن الحذف قوله :
٣٠٣ ـ ألا تستحي منا الملوك وتتّقي |
|
محارمنا لا يبوؤ الدم بالدم (٣) |
وقال آخر :
٣٠٤ ـ إذا ما استحين الماء يعرض نفسه |
|
كرعن بسبت في إناء من الورد (٤) |
والحياء لغة : تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ، واشتقاقه من الحياة ، ومعناه على ما قاله الزمخشري : «نقصت حياته واعتلّت مجازا كما يقال : نسي وحشي وشظي الفرس إذا اعتلّت هذه الأعضاء ، جعل الحييّ لما يعتريه من الانكسار والتغيّر منتكس القوة منتقص الحياة ، كما قالوا : فلان هلك من كذا حياء». انتهى. يعني بقوله : «نسي وحشي وشظي» أي أصيب نساه وهو عرق ، وحشاه وهو ما احتوى عليه البطن ، وشظاه وهو عظم في الورك.
__________________
(١) البيت في ديوانه (٢٣٦) ، همع الهوامع (٢ / ٦٦) ، الدرر (٢ / ٨٢).
(٢) انظر ديوانه (٢٧) ، وهو من شواهد الكتاب (٢ / ٢٢٧) ، المحتسب (٢ / ١٣٠) ، أمالي ابن الشجري (١ / ٢٧٤) ، الدرر (٢ / ١٠٧).
(٣) البيت لجابر بن جني. انظر الكتاب (١ / ٤٥٠) ، وانظر المفضليات (٢١١).
(٤) البيت من شواهد الكشاف (٤ / ٣٦٦).