٢٣٩ ـ بنيّتي سيّدة البنات |
|
عيشي ولا يؤمن أن تماتي (١) |
وعلى هذه اللغة قرئ : متنا (٢) ومتّ (٣) بكسر الميم (٤) كخفنا وخفت ، فوزن مات على اللغة الأولى : فعل بفتح العين ، وعلى الثانية : فعل بكسرها ، والموات بالضمّ الموت أيضا ، وبالفتح : ما لا روح فيه ، والموتان بالتحريك ضد الحيوان ، ومنه قولهم «اشتر الموتان ولا تشتر الحيوان» ، أي : اشتر الأرضين ولا تشتر الرقيق فإنه في معرض الهلاك. والموتان بضمّ الميم : وقوع الموت في الماشية ، وموّت فلان بالتشديد للمبالغة ، قال :
٢٤٠ ـ فعروة مات موتا مستريحا |
|
فها أنا ذا أموّت كلّ يوم (٥) |
والمستميت : الأمر المسترسل ، قال رؤبة :
٢٤١ ـ وزبد البحر له كتيت |
|
والليل فوق الماء مستميت (٦) |
قوله تعالى : (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) جملة من مبتدأ وخبر ، وأصل محيط : محوط ، لأنه من حاط يحوط فأعلّ كإعلال نستعين. والإحاطة : حصر الشيء من جميع جهاته ، وهو هنا عبارة عن كونهم تحت قهره ، ولا يفوتونه. وقيل : ثمّ مضاف محذوف ، أي عقابه محيط بهم. وهذه الجملة قال الزمخشري : «هي اعتراض لا محلّ لها من الإعراب». كأنه يعني بذلك أنّ جملة قوله : يجعلون أصابعهم ، وجملة قوله : (يَكادُ الْبَرْقُ) شيء واحد ، لأنّهما من قصة واحدة فوقع ما بينهما اعتراضا.
(يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٢٠)
قوله تعالى : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) : «يكاد» مضارع كاد ، وهي لمقاربة الفعل ، تعمل عمل «كان» ، إلّا أنّ خبرها لا يكون إلا مضارعا ، وشذ مجيئه اسما صريحا ، قال :
٢٤٢ ـ فأبت إلى فهم وما كدت آيبا |
|
وكم مثلها فارقتها وهي تصفر (٧) |
والأكثر في خبرها تجرّده من «أن» عكس «عسى» ، وقد شذّ اقترانه بها ، وقال رؤبة :
٢٤٣ ـ قد كاد من طول البلى أن يمحصا |
|
............... |
لأنها لمقاربة الفعل ، و «أن» تخلّص للاستقبال ، فتنافيا. واعلم أنّ خبرها ـ إذا كانت هي مثبتة ـ منفيّ في المعنى لأنها للمقاربة ، فإذا قلت : «كاد زيد يفعل» كان معناه قارب الفعل ، إلا أنه لم يفعل ، فإذا نفيت انتفى خبرها بطريق الأولى ، لأنه إذا انتفت مقاربة الفعل انتفى هو من باب أولى ولهذا كان قوله تعالى : (لَمْ يَكَدْ يَراها) أبلغ من
__________________
(١) البيت في اللسان ولم ينسبه لأحد ، انظر م (موت) وهو في تفسير القرطبي (١ / ٢٢٠).
(٢) سورة المؤمنون ، آية (٨٢).
(٣) سورة مريم ، آية (٢٣).
(٤) البيت لم ينسبه ابن منظور وهو في لسان م (موت).
(٥) البيت في ديوانه (٢٦). القرطبي (١ / ٢٢١) ، اللسان م (موت).
(٦) البيت لتأبط شرا. انظر الخزانة (٣ / ٥٤) ، الهمع (١ / ١٣٠) ، الدرر (١ / ١٠٧) ، الحماسة (١ / ٧٢).
(٧) البيت في ملحق ديوانه (٧٢) ، وهو من شواهد الكتاب (١ / ٤٧٨) ، شرح المفصل لابن يعيش (٧ / ١٢١) ، الخزانة (٤ / ٩٠) ، اللسان (مصح).