وقال آخر :
١٦٥ ـ وكلّ أناس سوف تدخل بينهم |
|
دويهيّة تصفرّ منها الأنامل (١) |
وذهب الكسائي إلى أنه من نون وواو وسين ، والأصل : نوس فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، والنوس الحركة. وذهب بعضهم إلى أنه من نون وسين وياء ، والأصل : نسي ثم قلبت اللام إلى موضع العين فصار نيسا ، ثم قلبت الياء ألفا لما تقدم في نوس ، قال : سموا بذلك لنسيانهم ، ومنه الإنسان لنسيانه قال :
١٦٦ ـ فإن نسيت عهودا منك سالفة |
|
فاغفر فأول ناس أول النّاس (٢) |
ومثله :
١٦٧ ـ لا تنسين تلك العهود فإنّما |
|
سمّيت إنسانا لأنّك ناسي (٣) |
فوزنه على القول الأول : عال ، وعلى الثاني : فعل ، وعلى الثالث : فلع بالقلب.
ويقول : فعل مضارع وفاعله ضمير عائد على «من» والقول حقيقة : اللفظ الموضوع لمعنى ، ويطلق على اللفظ الدال على النسبة الإسنادية ، وعلى الكلام النفساني أيضا قال تعالى : (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ : لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ)(٤) وتراكيبه الستة وهي : القول واللوق والوقل والقلو واللقو والولق تدل على الخفة والسرعة وإن اختصت بعض هذه المواد بمعان أخر.
والقول أصل تعديته لواحد نحو : «قلت خطبة» وتحكى بعده الجمل ، وتكون في محل نصب مفعولا بها ، إلا أن يضمن معنى الظن فيعمل عمله بشروط عند غير بني سليم مذكورة في كتب النحو كقوله :
١٦٨ ـ متى تقول القلص الرّواسما |
|
يدنين أمّ قاسم وقاسما (٥) |
وبغير شرط عندهم كقوله :
١٦٩ ـ قالت وكنت رجلا فطينا |
|
هذا لعمر الله إسرائينا (٦) |
و (آمَنَّا) : فعل وفاعل و (بِاللهِ) متعلق به ، والجملة في محل نصب بالقول ، وكررت الباء في قوله (وَبِالْيَوْمِ) للمعنى المتقدم في قوله : (وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ)(٧) وقد سأل سائل فقال : الخبر لا بد أن يفيد غير ما أفاده المبتدأ ، ومعلوم أن الذي يقول كذا هو من الناس لا من غيرهم ، وأجيب عن ذلك : بأن هذا تفصيل معنوي ، لأنه تقدم ذكر المؤمنين ، ثم ذكر الكافرين ثم عقب بذكر المنافقين ، فصار نظير التفصيل اللفظي نحو قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ)(٨) ، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي)(٩) فهو في قوة تفصيل الناس إلى مؤمن وكافر ومنافق ،
__________________
(١) البيت للبيد. انظر ديوانه (٢٥٦) ، أمالي ابن الشجري (١ / ٢٥) ، الإنصاف (٨٨) ، شرح المفصل لابن يعيش (٥ / ١٤) ، الدرر (٢ / ٢٢٨).
(٢) البيت في تفسير القرطبي (١ / ١٣٥).
(٣) البيت لأبي تمام. انظر ديوانه (١٦٢) ، القرطبي (١ / ١٣٥).
(٤) سورة المجادلة ، آية (٨).
(٥) البيت لهدبة بن خشرم. انظر الهمع (١ / ١٥٧) ، شرح ابن عقيل (١ / ٤٤٧) (١٣٤) ، شذور الذهب (٤٥٤) (١٩٧) ، الدرر (١ / ١٣٩).
(٦) البيت في الدرر (١ / ١٣٩) ، المخصص (١٣ / ٢٨٢) ، اللسان (يمن).
(٧) سورة البقرة ، آية (٧).
(٨) سورة البقرة ، آية (٢٠٤).
(٩) سورة لقمان ، آية (٦).