صلة ، وعلى الثاني محلها الرفع لكونها صفة للمبتدأ. واستضعف أبو البقاء أن تكون موصولة قال : «لأن «الذي» يتناول قوما بأعيانهم ، والمعنى هنا على الإبهام» انتهى. وهذا منه غير مسلم لأن المنقول أن الآية نزلت في قوم بأعيانهم كعبد الله بن أبي ورهطه.
وقال الأستاذ الزمخشري : «إن كانت أل للجنس كانت «من» نكرة موصوفة كقوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا)(١) وإن كانت للعهد كانت موصولة» وكأنه قصد مناسبة الجنس للجنس والعهد للعهد ، إلا أن هذا الذي قاله غير لازم ، بل يجوز أن تكون أل للجنس ، وتكون «من» موصولة وللعهد ، ومن نكرة موصوفة وزعم الكسائي أنها لا تكون إلا في موضع تختص به النكرة كقوله :
١٥٩ ـ ربّ من أنضجت غيظا قلبه |
|
قد تمنّى لي موتا لم يطع (٢) |
وهذا الذي قاله هو الأكثر إلا أنها قد جاءت في موضع لا تختص به النكرة قال :
١٦٠ ـ فكفى بنا فضلا على من غيرنا |
|
............... (٣) |
ومن تكون موصولة ونكرة موصوفة كما تقدم وشرطية واستفهامية ، وهل تقع نكرة غير موصوفة أو زائدة؟ خلاف واستدل الكسائي على زيادتها بقول عنترة :
١٦١ ـ يا شاة من قنص لمن حلّت له |
|
حرمت على وليّتها لم تحرم (٤) |
ولا دليل فيه لجواز أن تكون موصوفة بقنص : إما على المبالغة أو على حذف مضاف.
و (مِنَ) في (مِنَ النَّاسِ) للتبعيض ، وقد زعم قوم أنها للبيان وهو غلط لعدم تقدم ما يتبين بها. و (النَّاسِ) اسم جمع لا واحد له من لفظه ، ويرادفه «أناسي» جمع إنسان أو إنسي وهو حقيقة في الآدميين ، ويطلق على الجن مجازا. واختلف النحويون في اشتقاقه : فمذهب سيبويه والفراء أن أصله همزة ونون وسين والأصل : أناس اشتقاقا من الإنس قال :
١٦٢ ـ وما سمّي الإنسان إلّا لأنسه |
|
ولا القلب إلّا أنّه يتقلّب (٥) |
لأنه أنس بحواء وقيل : بل أنس بربه ثم حذفت الهمزة تخفيفا ، يدل على ذلك قوله :
١٦٣ ـ إنّ المنايا يطّلع |
|
ن على الأناس الآمنينا (٦) |
وقال آخر :
١٦٤ ـ وكلّ أناس قاربوا قيد فحلهم |
|
ونحن خلعنا قيده فهو سارب (٧) |
__________________
(١) سورة الأحزاب ، آية (٢٣).
(٢) البيت لسويد بن أبي كاهل. انظر شرح المفصل لابن يعيش (٤ / ١١) ، الهمع (١ / ٩٢) ، الدرر (١ / ٦٩) ، أمالي ابن الشجري (٢ / ١٦٩) ، الشذور (١٧٣) (٦٣) ، الخزانة (٢ / ٥٤٦).
(٣) صدر بيت تقدم وعجزه :
............... |
|
حب النبي محمد إيانا |
(٤) انظر ديوانه (٢١٣) ، الخزانة (٢ / ٥٤٩) ، المغني (١ / ١٠٩) (١٥٨).
(٥) لم نقف عليه.
(٦) البيت لذي جدن الحميري وقد تقدم.
(٧) البيت للأخنس بن شهاب التغلبي وروايته : «أرى كل قوم». انظر المفضليات (٢٠٨) ، ابن يعيش (٨ / ٥٨) ، شرح ديوان الحماسة (٢ / ٧٢٨) ، اللسان والتهذيب (سرب) (١٢ / ٤١٤) ، شرح المفضليات (٢ / ٧٦٥).