وأنت بعد
الاطلاع على ما قررنا سابقا لا تحتاج إلى بسط القول فيه وسيجيء أيضا في الدليل
الآتي ما يزيده إيضاحا وتفصيلا فانتظر.
ومنها : ما ذكره أيضا في الرسالة المذكورة بقوله : «لو لم يجب
مقدمة الواجب المطلق لزم أن لا يستحق تارك الفعل للعقاب ، لكن التالي باطل فالمقدم
مثله.
بيان
الملازمة : يحتاج إلى
تمهيد مقدّمة هي أنّ الآمر الطالب للشيء في زمان معين إذا لاحظ أن في ذلك الزمان
يتصوّر أحوال مختلفة يمكن وقوع كل منها ، فإمّا أن يريد الإتيان بذلك الشيء في ذلك
الزمان على أي تقدير من تلك التقادير ، أو يريد الإتيان به فيه على بعض تلك
التقادير.
وهذه المقدّمة
ظاهرة بعد التأمّل التام وإن أمكن المناقشة والتشكيك في بادئ النظر ولا ينتقض
بالجزء والكلّ حيث لا يمكن تقييد وجوب الكل بوجود الجزء ولا تعميم وجوبه بالنسبة
إلى حالتي وجود الجزء وعدمه ، لأنّ مرادنا بالحالات ما كان خارجا عن أحوال المراد
ومغايرا له.
وإذا تمهّد هذا
فنقول : إذا أمر الشارع بالإتيان بالواجب في زمانه وفي ذلك الزمان يمكن وجود
المقدمات ويمكن عدمها ، فإمّا أن يريد الإتيان به على أيّ تقدير من تقديري الوجود
والعدم فيكون في قوة قولنا : إن وجد المقدّمة فافعل وإن عدم فافعل ، وإمّا أن يريد
الإتيان به على تقدير الوجود.
والأوّل محال
لأنّه يستلزم التكليف بما لا يطاق فثبت الثاني ، فيكون وجوبه مقيّدا بحضور
المقدّمة فلا يكون تاركه بترك المقدّمة مستحقا للعقاب لفقدان شرط الوجوب والفرض
عدم وجوب المقدّمة فانتفى استحقاق العقاب