الكلام في الواجب المطلق واستلزام إيجابه إيجاب مقدّمته ، والسيّد المرتضى انّما يقول بعدم استحقاق العقاب بناء على زعمه من انّ التكاليف المطلقة بحسب اللفظ إنّما يجب أن يقيّد بوجود المقدّمات كما سيظهر في محله إن شاء الله تعالى.
ومنها : ما ذكره الرازي في «المحصول» ، والعلّامة في «النهاية والتهذيب» ، وكأنّه مأخوذ من كلام أبي الحسن البصري وقرره الفاضل المذكور في رسالته المذكورة بقوله :
«تارك المقدمة بعد ترك المقدّمة إمّا أن يبقى تكليفه بالفعل أم لا ، والأوّل يستلزم التكليف بما لا يطاق والثاني عدم كونه واجبا مطلقا وكلاهما باطلان.
ويرد عليه : أنّا نختار الأوّل ولا يلزم التكليف بما لا يطاق لأنّ الممتنع التكليف به بشرط عدم المقدمة لا في زمانه وأيضا وجوب المقدمة لا يستلزم وجوده فعلى تقدير الترك إمّا أن يبقى التكليف أم لا ، إلى آخر ما ذكرنا فالإلزام مشترك.
وأيضا لنا أن نختار الثاني ولا يلزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا إنّما يلزم لو لم يتحقق التكليف السابق بذلك الفعل مطلقا من غير تقييد ولا يتوقف على البقاء ، إذ كما أنّ رفع التكليف بانقضاء زمان الفعل لا يقدح في إطلاق التكليف يجوز أن لا يكون رفعه بانقضاء زمان صحّة الصدور قادحا في ذلك.
ويمكن دفع الأوّل بما ذكرنا سابقا كيف وحقيقة التكليف عند العدلية إرادة متعلقة بالفعل على جهة الابتداء بشرط الإعلام والإرادة من الحكيم العالم كيف يبقى متعلقة بالشيء بعد زوال التمكّن منه» (١) انتهى كلامه.
__________________
(١) راجع ص ٥٠.