رأسا.
ويرد عليه : أنّ هذا الوجه لو تمّ لدلّ على انتفاء الواجب المطلق ورجوعه إلى المقيّد ، لأنّ عدم المقدّمة لما كان من جملة الأحوال التي امتنع صدور ذي المقدمة على تقديرها لم يصح تعميم وجوبه بالنّسبة اليه ، ووجوب المقدّمة وعدم وجوبها ممّا لا يؤثر في الفرق كما لا يخفى ، ولا يصحّ ما يلوح من كلام بعض العلماء من أنّ حال عدم المقدّمة على تقدير وجوبها كحال عدم الفعل لأن الشيء لا يمكن تعميم إرادته وإيجابه بالنسبة إلى وجوده وعدمه ولا تقيّده بأحد الحالين بخلاف الشيء بالنسبة إلى الأمر الخارج المنفصل عنه كما لا يخفى على المتأمّل.
ويمكن أن يقال : تعلّق التكليف بالشيء وبمقدماته تعلّق واحد ينتسب إلى أحدهما بالذات وإلى الآخر بالعرض ولا يوجد إرادة متعلّقه بذي المقدّمة حتى يستفسر من إطلاقها وتقيّدها ، بل هو في ضمن إرادة المجموع وليس عدم الجزء ووجوده من الحالات الّتي يجري فيه الاستفسار المذكور.
وفيه نظر يظهر بالتأمّل التّام.
والصّواب (الحقّ خ ل) أن يقال : إنّ القدر الثابت من إطلاق الوجوب أنّ المأمور إذا تركه كان مستحقا للعقاب بسبب تركه أو بسبب ترك ما كان واجبا لأجله ، وما ذكرت لا يدفع ذلك.
وأمّا أنّ تعلق الإرادة به على سبيل التعميم فغير ثابت فالتزام خلافه غير قادح في المطلوب» (١). انتهى.
__________________
(١) راجع ص ٥١ ـ ٥٣.