نعم ، ليس لنا الاطلاع على الامتناع في بعض الصّور ونطّلع عليه كما في بعض كالصّورة المفروضة في الاستدلال ، وحصول علمنا بالامتناع وعدمه ممّا لا مدخل له في هذا المقام سيّما مع اطلاع الامر سبحانه وتعالى ، وقس عليه الحال إذا تعلّق التكليف بترك فعل وفعله المكلف.
وأمّا ثانيا : فبالحل باختيار أنّ استحقاق العقاب في زمان ترك الحجّ إلى موسمه المعلوم.
وقوله : الإتيان بالحجّ في ذلك الموسم ممتنع بالنسبة إليه فكيف يكون مستحقا للعقاب بتركه.
قلنا : امتناعه إنّما نشأ من اختياره سبب العدم ومثل هذا الامتناع لا ينافي المقدورية ولا يؤثر في سقوط استحقاق العقاب.
والحاصل : أن القادر هو الذي يصحّ منه الفعل والترك بأن يريد الفعل فيجب حينئذ الفعل ، أو لا يريده فيجب الترك والوجوب الّذي ينشأ من الاختيار لا ينافي الاختيار ، ولا فرق بين أن يكون الوجوب ناشئا من اختيار أحد طرفي المقدور أو من اختيار سببه.
قال المحقّق الطّوسي في التجريد في جواب شبهة النّافي لاستناد الأفعال التوليدية إلى قدرتنا واختيارنا من أنها لم يصحّ وجودها وعدمها منّا لأنّ سببها ، أعني الأمر الّذي حصل بسببه المتولّد يجب وجودها فلا يصحّ تركها فلا يكون مقدورا لنا : «والوجوب باختيار السّبب لاحق» (١) ، كيف ولو كان الوجوب باختيار السّبب منافيا للمقدورية لزم أن لا يكون الله تعالى بالنسبة إلى كثير من أفعاله
__________________
(١) شرح التجريد للقوشجي ص ٤٥١. طبع سنة ١٣٠٧.