الوجه السادس : في الصورة المذكورة ينهى العاقل الخالص عن الاغراض عن الهدم المذكور نهيا إلزاميا ، والنهي الإلزامي عن العاقل الخالص عن دواعي الشهوة لا يكون إلّا لداعي الحكمة فلا يكون إلّا لقبح الشيء في نفسه كما تقرر في غير هذا المحل ، فيكون الهدم المذكور قبيحا فيكون نقيضه واجبا.
الوجه السابع : سنبيّن أنّ إيجاب المسبب يستلزم إيجاب السبب وكذا تحريم المسبب يستلزم تحريم السبب ، ويلزم من ذلك أن يكون إيجاب المشروط مستلزما لإيجاب الشرط لأنّ ترك الواجب قبيح وترك الشرط سبب مستلزم لترك الواجب والسبب المستلزم للقبيح قبيح على ما ذكرنا ، ويكون ترك الشرط قبيحا فيكون إيجاده واجبا.
وفيه مناقشة يندفع عند من أتقن اصول العدلية كما لا يخفى.
الوجه الثامن : إذا أمر المولى عبدين من عبيده لفعل معين في بلد بعيد في وقت معين وأخذ وأتم حجّة التكليف عليهما على نهج واحد فتركا المشي إلى ذلك البلد عند التضييق ثمّ اتفق موت أحدهما قبل حضور وقت الفعل وبقي الآخر ، فإمّا أن يستحقّا العقاب ، أو لم يستحقا ، أو استحقّ الحي دون الميّت ، أو بالعكس ، لا وجه للثاني لمنافاته لإطلاق الوجوب ، ولا إلى الثالث لمساواتهما في التقصيرات الاختيارية ، إذ نحن نعلم استواءهما في الإطاعة والعصيان وليس بينهما تفاوت إلّا بموت أحدهما وبقاء الآخر ، وهو بمعزل عن التأثير في الاستحقاق بمقتضى قاعدة العدل ، ولا إلى الرابع وهو ظاهر ، فثبت الأوّل ، وبذلك ثبت وجوب مقدمة الواجب.
الوجه التاسع : خلاصة ما استدل العدلية على استحقاق الثواب من أنّ إلزام المشقّة من غير عوض قبيح عقلا جاء هاهنا دال على حصول الثواب على