المقدّمة والمنكرون لوجوب المقدمة ينكرون استحقاق الثواب عليها ، وبهذا الوجه يلزم مجرد الرجحان ، والتزام الوجوب يحتاج إلى انضمام مقدمة اخرى يمكن تحصيلها بأدنى تأمّل.
الوجه العاشر : من تأمّل في القواعد العمليّة ومارس المصالح الحكمية وجرّب التدبيرات الكلية وعرف مجاري احكام العقلاء وحكمهم ، عرف ان ما يجب رعايته والأمر به والإلزام عليه قد يكون مطلوبا بالذات ، وقد يكون مطلوبا بالعرض من حيث إنّه نافع في حصول الغرض الأصلي والمطلوب الذاتي ، فمن أراد تدبير عسكر أو بلد كما أنّه يأمر بالامور النافعة لهم المشتملة على خيراتهم وينهى عن الامور الضارة بهم ، كذلك يأمر بالامور المؤدية إلى خيراتهم ومعداتها وشرائطها والطرق الموصولة إليها ، وينهى عن امور مستلزمة لمضارهم المؤدية إليها والمستلزمة لا خلال مصالحهم المؤدية إليها ويريد ويكره على نسبة واحدة ، وأي مصلحة للشيء أشدّ من توقف المصلحة الذاتية عليه. ولما كانت المصالح مستلزمة للتكاليف الشرعية ، كما أنّ التكاليف الشرعية مستلزمة للمصالح عند العدلية كما ثبت في محله ، يلزم منه وجوب مقدمة الواجب.
ومما يؤيد وجوب المقدمة أنّ الندامة التي تحصل لتارك الحج عند ترك الحج قد تحصل له عند ترك المقدمات قبل حضور وقت الحج ، وهذا علامة الوجوب.
واستدل الآمدي على وجوب مقدمة الواجب بدعوى الإجماع على وجوب تحصيل الواجب ، وتحصيله إنّما هو بتعاطي ما يتوقف عليه ووجوب تحصيله بما ليس بواجب تناقض وللتأمّل فيه مجال.
واستدل بعضهم بأنه لو لم تجب يصح الفعل بدونها ، وهو محال لامتناع وجود الموقوف بدون الموقوف عليه.