ولا يذهب عليك
أنّه يرد على الشارح أنّ هذا الحمل لا يوجب استقامة التقسيم أصلا ، لأنّ المادّة
وإن كانت مختصّة بالجسم على زعمهم لكنّ المادّة التي خرجت من التقسيم ليس إلّا
الجوهر الذي حلّه جوهر آخر ، ومقارنة هذا الجوهر ليس من خواصّ الجسم على زعمهم ،
فإذن لم يبق فرق بين الحملين في ورود الخللين.
وهذا ما أشار
إليه المحشّي العلّامة في الحاشية المعنونة بقوله : قال الإمام ، فالظاهر أن يحمل كلام الشارح على غير ما قرّرها أوّلا
، ويقال إنّ مراده أنّه لا بدّ من حمل الكلام على المفارق عن المادّة والمقارن لها
، إذ لو لم يحمل عليه ، بل على المعنى الذي ذكره المعترض لم يستقم الكلام لا في
الواقع ولا في زعمهم ، إذ لم يدّعوا أنّ المقارنة لجوهر آخر من خواصّ الجسم ،
وأمّا إذا حمل عليه فإنّما يستقيم على زعمهم ، إذ مقارنة المادّة مخصوصة بالجسم
على زعمهم وإن لم يستقم في الواقع كما ذكرنا ، ولا شكّ أنّ أحد الحملين إذا لم يكن
مستقيما لا في الواقع ولا في زعمهم وكان الآخر مستقيما على زعمهم وإن لم يستقم في
الواقع فالحمل عليه لازم البتة. وعلى هذا اندفع عنه ما ذكرنا ، وظهر وجه عدم
تعرّضه لدفع إيراد الإمام.
فإن
قلت : على ما
قرّرت الإيراد يلزم منه بطلان التقسيم على زعمهم أيضا لا بطلانه في الواقع فقط ،
وأيضا فما الفرق بين هذا التوجيه والتوجيه الأوّل ، إذ في الأوّل أيضا ما وجّه
الكلام على أنّ المراد صحّة التقسيم على هذا الحمل في الواقع ، بل صحّته بحسب
زعمهم كما في الثاني.
__________________