قلت : المراد من صحّة التقسيم على زعمهم في التوجيه الثاني صحّته على زعمهم بالنظر في مجرّد قولهم : «المفارق عن المادّة هو العقل والنفس والمقارن للمادّة هو المادّة والصورة والجسم» مع قطع النظر عن أنّ المادّة التي خرجت من تقسيمهم ليس إلّا الجوهر الذي حلّه جوهر آخر. وبعبارة اخرى : صحّته على زعمهم بحسب بادئ النظر.
والحاصل : أنّهم لمّا لم يدّعوا أنّ مقارنة الجوهر من خواصّ الجسم فحمل تقسيمهم على ما ذكره المعترض ليس له وجه معقول أصلا ، لظهور بطلانه بخلاف حمله على المعنى الآخر ، لأنّه ليس بهذه المثابة ، إذ يتصوّر منهم هذا التقسيم بمجرّد النظر إلى أنّ المادّة من خواصّ الجسم بحسب زعمهم ذاهلين عن أنّ المادّة التي خرجت عن التقسيم ما هي ، وعلى ما قرّرنا المراد اندفع الإيراد وبان الفرق بين الوجهين.
وبما قرّرنا ظهر أنّ إيراد الإمام يمكن حمله على كلّ من الوجهين السابقين ، بل عليهما معا. فتأمّل. (١)
__________________
(١) كتب في خاتمة هذه الحاشية : ـ من إفاداته مدّ ظلّه العالي.