الحالّ والمحلّ في المادّة والصورة.
وأمّا إذا حملنا المفارق والمقارن على المفارق عن المادّة والمقارن لها فحينئذ يستقيم الكلام ؛ لأنّ المادّة من خواصّ الجسم على زعمهم ، فالعقل والنفس إنّما يكونان مفارقين بهذا المعنى البتة فاندفع الخلل الأوّل ، وكذا المقارن المركّب من الحالّ والمحلّ منحصر في الجسم فقط قطعا ، وكذا الحالّ والمحلّ منحصر في المادّة والصورة فاندفع الثاني.
هذا ظاهر مساق الحاشية ولا يخفى أنّه حينئذ يندفع إيراد الإمام على التقسيم كما أشرنا إليه ، وإيراد الشارح إيّاه وعدم التعرّض لدفعه ، إمّا لأنّ دفعه ظاهر على هذا التقرير فلا حاجة إلى التعرّض له ، لكنّه خلاف الظاهر ، إذ ظاهر سياق كلام الشارح أنّه معترف بوروده. وإمّا لأنّه لم يحمله على ما يفهم منه ظاهرا وهو نقض انحصار المركّب من الحالّ والمحلّ في الجسم ، بل حمله على أنّ مراده لا بدّ من دليل على أنّ الجوهر المركّب من الحالّ والمحلّ منحصر في الجسم ، أي الحلول مختصّ بالجسمانيّات حتى ينحصر تقسيمكم ، إذ لو لم يكن الحلول مختصّا بالجسمانيات لجاز أن يكون العقل والنفس مركّبتين من الحال والمحلّ أيضا ، وحينئذ يبطل حصر تقسيمكم ، إذ لم يدخل جزء العقل والنفس.
ويؤيّده أنّه أدخل في تقسيم جزء العقل والنفس ، ولا شكّ أنّ إيراد الإمام على هذا لا يندفع بحمل المفارق والمقارن على المفارق عن المادّة والمقارن لها ، وإن كانت المادّة مختصّة بالجسم كما لا يخفى ، وحينئذ يكون مراد الشارح من استقامة التقسيم على هذا الحمل اندفاع الخللين السابقين عنه لا اندفاع هذا الإيراد أيضا هذا.