وإن كنت تقول بالفرق بين القولين فبيّنه ، فإنّا من وراء المنع.
هذا ما يتعلّق بالإيراد الأوّل.
وأمّا الإيراد الثاني فجوابه يعلم ممّا ذكر ، أمّا النقض فظاهر. وأمّا الحلّ فيجوز أن يكون حكم العقل باستحقاق المدح والذمّ والثواب والعقاب بعد أن يصدر الفعل ، فأمّا قبله فلا. وإن كان الذات بحيث لو هيّأ أسبابه لفعل مع أنّه يمكن أن يقال أيضا إنّه لا نسلّم أنّ المرء الخيّر لا يستحقّ المدح والثواب وإن لم يفعل الخير ، لما ورد في الشريعة : «نيّة المؤمن خير من عمله».
وأمّا المرء الشرير الذي لم يصدر منه شرّ ، فلعلّ عدم عقابه باعتبار العفو والتجاوز ، فتأمّل فيه. وأمّا مذمّته باعتبار شرارة ذاته ، فكأنّها ثابتة ولا يتوقّف على فعله للشر.
ولا يبعد أيضا الفرق بين المدح والثواب والذم والعقاب ، بأن يقال : المدح ثابت للذات الخيّرة وإن لم يفعل خيرا ، لكن الثواب يتوقّف عليه وكذا الذمّ والعقاب.
ويجوز أيضا أن لا يفرق بين المدح والثواب ويقال بثبوتهما للذات مع الفعل ولا معه ، ويفرق بين الذم والعقاب ، ويقال في الأوّل ثبوته للذات مطلقا ، وفي الثاني بتوقّفه على الفعل.
هذا كلّه مع القول بأنّ غاية ما في هذا الباب أن يكون هذا شبهة على قاعدة الحسن والقبح العقليين ؛ لورودها على مذهبنا ومذهبك من غير اختصاص بنا كما علمت فلا تسمع في مقابلة ضرورة حكم العقل بها.
وإن قلت : وبغيتك نقض هذه القاعدة من دون أن يكون لك حاجة في