والعقاب منه تعالى للشخص المذكور على فعل القبيح؟
قلت : ما جعل الله تعالى ذاته كذلك ، بل جعلها موجودة فإنّ كون ذاته كذلك ليس بجعل جاعل ، بل من لوازم ماهيّته.
فإن قلت : لم أوجد الله تعالى مثل هذا الذات؟
قلت : إيجاد مثل هذا الذات إذا كان فيه مصلحة ليس قبيحا ، إنّما القبيح جعل الذات كذلك ، وقد عرفت أن لا مدخل فيه للجعل ، وأمّا أنّه أيّ مصلحة فيه فهو من أسرار القضاء والقدر التي نهى عن الخوض فيها ولم يرخّص في الكشف عنها.
فإن قلت : الشخص الذي يصدر منه القبيح على النحو الذي ذكرت فعله القبيح على وجهين :
أحدهما : أن يكون ظلما على الغير.
والثاني : أن يكون ظلما على نفسه ، والظلم على الغير أيضا يستلزم الظلم على النفس ، فلنتكلّم على الوجهين جميعا.
فنقول : كلّ ما كان ظلما على الغير باعتبار نفسه لا باعتبار لازمه ـ لأنّه داخل في الوجه الثاني ونتكلّم عليه ـ يمكن أن يقال فيه : إنّه إذا كان مصلحة في إيجاد شخص يصدر منه ظلم على الغير على النحو الذي ذكرت ، لا فساد ولا قبح فيه ، إذا وصل إلى المظلوم عوضا عن ذلك الظلم من المنفعة والثواب بقدر ما يؤثره العقلاء على ذلك الظلم.
وأمّا إذا كان ظلما على النفس سواء كان لازما من الظلم على الوجه الأوّل أو لا ، فهذا أيضا على وجهين :