أكمل وأولى ، وإذا بلغت حدّ الامتناع فبطريق الأولى.
وبعد التأمّل فيما ذكرنا يستبان أنّ كون الذات موجبة لفعل الحسن أو القبيح بعد حصول العلم له بمنفعتها لا يقدح في استحقاق المدح والذم والثواب والعقاب ، بل يؤكّده ويحققه كما أشرنا إليه.
فإن قلت : إذا قال الشخص الذي فرض أنّ ذاته موجبة لفعل القبيح بعد حصول العلم له بنفعه في مقام الاعتذار عن فعل القبيح وطلب التفصّي عنه : إنّي كيف أصنع وما الحيلة لي في الخلاص عنه ، فإنّي اريد أن لا أفعل القبيح لما أمكن لي ويصدر عن ذاتي القبيح البتة ، فحينئذ فما الجواب عنه ، وكيف يجوّز العقل في هذه الحالة لوم مثل هذا العاجز المبتلى الأسير بيد نفسه الأمّارة بالسوء فضلا عن عقابه؟
قلت : لو فرض مثل هذا القول منه فهو قول منه باللسان وحده وليس لقلبه منه عين ولا فيه أثر ، إذ لو كان أحد بحيث يريد أن لا يفعل القبيح لا يفعله البتة إلّا إذا كان مجبورا بالمعنى الذي ذكرنا سابقا وهو خارج عمّا نحن فيه.
وكذا لو كان أحد في طلب التفصّي عن القبيح والحيلة في تركه لما كان يفعله إذا كان مخلّى مع طبعه ، فالشخص المفروض الذي يفعل القبيح وإن كان مخلّى وطبعه ليس يميل طبعه ميلا جازما إلى جانب ترك القبيح البتة ، ولا يهمّه طلب الطريق للتفصّي عنه والحيلة في الخلاص منه.
كيف ولو كان كذلك لما كان هذا الشخص المفروض ، بل كان الشخص الذي ليست ذاته موجبة لفعل القبيح بعد حصول العلم له بمنفعته وهو ظاهر.
فإن قلت : إذا جعل الله تعالى ذاته كذلك فكيف يجوز بعد ذلك اللوم