مستلزما لسقوط الفاعل ، فهل يجوز حينئذ أن يضرب السيد الفاعل لأجل سقوطه باعتبار أنّ الإرادة والعلم كانا من جملة أسباب سقوطه ، وهل يجوّز عاقل مثل ذلك؟
قلت : لو كان مجرّد العلم سببا موجبا للإرادة أو للفعل لكان الأمر كما ذكرته. لكنّه ليس كذلك ، بل العلم بالمصلحة مثلا يصير في بعض الموارد سببا موجبا للفعل إن قلنا إنّ الإرادة ليست إلّا الداعي ، أو للإرادة إن قلنا إنّها غيره ، وفي بعض الموارد لا يصير سببا لأحدهما ، كما أن الصالح والطالح مشتركان في العلم بمنفعة الخمر مثلا. وذلك العلم يكون في الطالح سببا موجبا لشربه أو الإرادة الموجبة له. ولا يكون في الصالح كذلك ، فهذا الأمر هو الذي يوجب كون الطالح مذنبا مستحقّا للوم والعقاب دون الصالح.
فإن قلت : حاصل ما ذكرته يرجع إلى أنّ حصول العلم بمصلحة الخمر في مادّة الطالح لمّا كان موجبا للشرب أو إرادته دون مادّة الصالح فلا جرم يكون لمادّته مدخل في حصول الشرب ، فيكون الذنب والتوبيخ لأجله ، وهذا ليس بصحيح لأنّ ذات الطالح إذا كانت موجبة لفعل المحرّم فأيّ ذنب له في فعله.
قلت : أيّ فساد في أن يكون كون ذات الطالح موجبة لفعل المحرّم بشرط حصول العلم له بنفعه سببا لاستحقاق اللوم والعقاب.
ومن قال بأنّ الذات لا بدّ أن لا يكون لها مدخل في حصول الفعل حتّى تكون مستحقة للثواب والعقاب؟
والعجب أنّ جمهور أهل العرف إذا حاولوا المبالغة في ذم أحد أو مدحه يقولون إنّ ذاته كذا وكذا ، ثمّ إذا وصلوا هذا المقام يعدّونه مستنكرا ويشمئزّون عنه.