خلاف ، إذ العادة لم تجر بأنّ ما لا يكون كذلك لم يقع فيه خلاف بينهم مع كثرتهم ومخالفة أذهانهم في إدراك الامور واستنباط الفروع ومباينة مشربهم في تأسيس المباني وتأصيل الأصول سيّما إذا وجدت الروايات المتعارضة عن الأئمّة في طرفي المسألة ، إذ على هذا يصير الظن أقوى لما نرى من عادتهم ونشاهد من ديدنهم أنّه قلّما يكون أن يكون رواية في حكم ولم يوجد به قائل من أصحابنا وسيّما إذا كانت الروايات الدالّة على ما أجمعوا عليه كثيرة معتبرة وخصوصا إذا كانت الروايات الدالّة على ما أجمعوا عليه ضعيفة شاذّة نادرة ، وإذا لم يوجد عليه رواية فبطريق الأولى.
واحتمال أن يكون مخالف من الأصحاب المتقدّمين ولم يصل خلافه إلى مدّعى الإجماع بعيد أيضا جدّا ، لما نرى من شدّة اجتهادهم في تتبّع الأقاويل وتفحّص المذاهب حتى أنّا نراهم في المسائل النادرة قد تتبّعوا الأقاويل ونقلوا خلافا نادرا من الأصحاب إن كان بل بعضهم جهدا قد آل في تتبّع أقوال العامّة أيضا بحيث لم يفت منه شيء إلّا ما شذّ وندر ، فكيف ظنّك بأقوال الخاصّة وبالمسائل المتعارفة التي يعمّ بها البلوى.
وبالجملة في هذا المقام إن لم يحصل القطع بالحكم بعد ملاحظة ما ذكرنا فلا كلام في حصول الظنّ القويّ وإنكاره مكابرة ، ومثل هذا الظنّ لا يقصر عن الظنّ الذي يحصل من الخبر الواحد بل يكون في أكثر المواضع أقوى منه وأشدّ ، فحينئذ إن لم يكن على خلاف ما ادّعوه من الإجماع خبر صحيح معتمد عليه فلا إشكال ، وإن كان فإن لم نقل برجحان الإجماع عليه فلا أقلّ من التساوي إذ أدلّة حجيّة خبر الواحد أيضا على تقدير تمامها ليست بحيث يوجب العمل مع معارضة هذا الظنّ القويّ له ، سيّما مع تأييده بما ورد في الروايات ، من أنّه «خذ