لكن لا يخفى أنّ في أكثر الإجماعات التي ادّعوها لا يحصل العلم أو الظن بأنّ مراد مدّعيها أنّ الإمام الظاهر داخل في جملة القائلين بالحكم باعتبار نقل وصل إليهم أو غيره من القرائن والأمارات ، بل يختلج بالبال أن يكون حكمهم بالإجماع.
إمّا لأنّهم رأوا أنّ علماءنا ذهبوا إلى قول في زمان الغيبة ولم يظهر له مخالف أو ظهر مخالف معلوم النسب فأطلقوا القول بالإجماع بناء على معتقدهم ، أنّه لو كان مخالفا للحقّ لوجب على الإمام عليهالسلام أن يظهر الحقّ ويغشيه بين الناس ، وكذا في زمان الحضور أيضا وقد عرفت ما في هذا البناء أو يكون مرادهم بالإجماع الشهرة ويكون الشهرة معتبرة عندهم بناء على ما نقل عنهم عليهمالسلام : «خذ المجمع عليه بين أصحابك واترك الشاذّ النادر» (١) إذ المجمع عليه هاهنا بمعنى المشهور بقرينة «واترك الشاذ النادر» وحينئذ أيضا لا مجال للقول بحجيّته.
وهذا الاحتمال الأخير وإن قيل ببعده لأنّ الثقة إذا قال إنّ الحكم الفلاني مجمع عليه وكان للإجماع معنى مصطلح في عرفهم ، فالقول بأنّه أراد معنى آخر غير المصطلح عليه من دون إقامة قرينة عليه سوء ظنّ به واتّهام له ، لكن الاحتمال الأوّل لا بعد فيه إذ بعد ما يكون المقدّمة المذكورة ـ من وجوب إظهار الحقّ على الإمام عليهالسلام لو وجد مخالفا له متّفقا عليه بين الأصحاب ـ معتقدة لشخص فلا فساد في حكمه بالإجماع على أمر بمجرّد اعتقاد ذهاب الأصحاب إليه ، بناء على المقدّمة المذكورة ، على أنّ الاحتمال الأخير أيضا كأنّه يرتفع البعد عنه بعد تتبّع المواضع التي يدّعى فيها الإجماع ولعلّه كان هذا
__________________
(١) الكافي ١ / ٦٨ مقبولة عمر بن حنظلة ، التهذيب ٦ / ٣٠١.