وإن كان في زمان الحضور أي يدّعون أنّه وقع الإجماع في زمان حضور إمام من الأئمّة ، وحينئذ فإمّا أن يدّعوا الإجماع من الأصحاب فقط دون الإمام فحاله مثل ما سبق. وإن ادّعوه مطلقا ، وحينئذ وإن أمكن دفع ما يقال عليه بأن دعوى مثل هذا الإجماع ممّا لا فائدة فيها على رأينا من أنّ العبرة بقول المعصوم لا بالاتفاق ، إذ يكفي أن ينقل أنّ المعصوم عليهالسلام قال هكذا ولا حاجة إلى أن يضمّوا إليه قول الأصحاب أيضا ، بأن يقال : لعلّهم لم ينقل إليهم خبر خاصّ من المعصوم بالحكم لكنّهم عرفوا بالنقل المتواتر وغيره أنّ الإمام عليهالسلام قائل بهذا الحكم فلذا لم ينقلوا الخبر عنه ، بل نقلوا أنّه عليهالسلام قائل بهذا الحكم ، ولا شكّ أنّ مثل هذا لا استبعاد فيه ، بل كثيرا ما يقع في الوجود أمثال ذلك ، بأنّ يعلم أو يظنّ أنّ شخصا مثلا معتقده وطريقته كذا من غير أن يكون خصوص خبره منقولا عنه في هذا الباب.
وأنت خبير بأن إنكار تحقّق مثل هذا مكابرة بلا مرية ، إذ نعلم قطعا في بعض المسائل أنّ الإمام عليهالسلام قائل به مع قطع النظر عن خبر ورد عنه مثل المسح على الرجلين ونحوه ، كيف وإنكار الضروريات ممّا لا سبيل إليه وهي أيضا من هذا القبيل ، إذ ليس علمنا لها من قبل الأحاديث المنقولة ، بل بنحو آخر ، ألا ترى أنّ العوام أيضا يعلمونها ضرورة من دون علمهم بالأخبار قطعا؟ وإذا جاز أن يصل مثل ذلك إلى حدّ الضرورة التي تعلّمها الخواصّ والعوام قطعا ، فأي استبعاد في أن يصل إلى حدّ القطع أو الظنّ عند الخواصّ أو لبعضهم وهو ظاهر.
وأمّا ضمّ قول الأصحاب حينئذ إلى قوله عليهالسلام فكأنّه لتقوية الحكم وتأييده ، إذ بعد ما ثبت أنّ أحدا من الأصحاب أيضا لم يذهب إلى خلاف حكم يقوى العلم أو الظن بأنّ الإمام عليهالسلام كان قائلا به ومعتقدا له.