ثمّ لا يخفى أنّه على تقدير وجدان النسبة المفروضة بين أواخر مراتب البياض وأواخر مراتب السواد إجراء الكلام في مراتب السواد إلى أن ينتهي إلى السواد الصرف ليس على سبيل التنزّل كما ذكره المحقّق ، بل على سبيل الترقّي لكن الأمر فيه سهل ، إذ يحمل قول المحقّق : «وهكذا إذا حفظنا هذه النسبة. إلخ» على حفظها وإن كان على سبيل المقايسة. وهذا وإن كان خلاف الظاهر ، لكن مثل هذا لا يصلح أن يجعل إيرادا على مثل المحقّق ، إذ مثل هذه المسامحات غير عزيز. وقد ذكرنا أيضا في التعليقات أنّه يجوز أن يكون مراد المحقّق من السواد الصرف ما يطلق عليه السواد لا مثل الغبرة.
لا أن يراد به السواد البالغ إلى الغاية ولا شكّ أنّ اتحاد البياض الصرف أو القوي أيضا مع هذه المرتبة ينقبض عنه العقل السليم. وظاهر أنّه يكفي في التنبيه ، وعلى هذا لا حاجة إلى بناء الكلام على الترقّي المذكور. فافهم.
قوله [ص ٢٠٣] : فلا يلزم فناء مراتب البياض والانتهاء إلى حد هو آخر المراتب مطلقا.
ظاهر الكلام ، والكلام السابق عليه ، من قوله : «إذ نسبته ، إلى آخر مراتب البياض» يدلّ على أنّه يسلم أنّ للبياض مرتبة أخيرة. وعلى هذا لا شك أنّ التنزل على سبيل النسبة المحفوظة أيضا ينتهي إليه ولا يلزم أن يكون التنزل على سبيل التساوي.
وأيضا نقول : إمّا أن يكون للبياض مرتبة أخيرة أو لا ، فإن كان فالأمر كما علمت ، وإن لم يكن فنقول : إذا تنزل على سبيل التساوي فلا يمكن أن يعتبر النسبة بين المرتبة الأخيرة منه وبين مراتب السواد ، إذ ليس له مرتبة أخيرة كما هو المفروض ؛ بل لا بدّ من اعتبارها بين مرتبة من المراتب القريبة من الانتهاء