نقول : إنّ المحقّق أيضا مع قوله بجنسيّة السواد والبياض لعلّه يقول بصدقهما معا على الأوساط ولم يثبت عنده امتناع تحقّق الجنسين في مرتبة واحدة ، إذ ليس عليه دليل تامّ ، فمن أين علم أنّه ليس كذلك. على أنّ استمرار النسبة المذكورة أمر محسوس. فإمّا أن يجده الحسّ بين جميع المراتب أو لا ، فإن وجده فلا كلام عليه سواء قلنا بصدقهما معا على الأوساط أو لا. وإنّ لم يجده فيكون ما ذكره باطلا على أيّ وجه كان ، فلا يصحّ بناء الإيراد على ما ذهب إليه من ذاتيّة السواد والبياض وعدم صدقهما معا على الأوساط.
والصواب في الإيراد على المحقّق ما ذكرنا في التعليقات : من أنّ البياض على تقدير تنزّله على سبيل التساوي ، لا شكّ أنّه يفنى آخرا أمّا أنّه ينتهي إلى السواد فغير مسلّم ، كما أنّ السطح إذا نقص مرّات متساوية فإنّه يفنى لكن لا ينتهي إلى الخط وهذا ظاهر.
وكذا إذا كان التنزّل على سبيل النسبة المحفوظة فإنّه وإن أمكن أن يثبت على تقدير عدم كون كلّ مرتبة من الشدّة والضعف نوعا على حدة ، أنّ جميع مراتب البياض إلى أن يفنى نوع واحد ، بمثل ما ذكر آنفا ، لكن لا يلزم أن ينتهي إلى السواد حتى يلزم أن يكون البياض والسواد نوعا واحدا ، وحينئذ يجوز أن يكون جميع مراتب البياض نوعا واحدا من دون لزوم محذور.
والحاصل : أنّ النسبة التي يجدها الحسّ بين مراتب البياض لا نسلّم أنّه يجدها بين مراتب البياض والسواد أيضا ، فلو كان هذا بيّنا أو مبيّنا فلا كلام معه وإن كان فرض التنزّل على سبيل النسبة المذكورة ، وإلّا فالإيراد قائم.
وأيضا يرد على المحقّق أنّه لو تمّ ما ذكره لزم أن يكون مراتب السواد أيضا داخلة تحت جنس البياض. هذا.