والسواد النسبي أيضا على تقدير معقوليته نسبته إليهما على السواء ، أي يتحقّق فيهما معا كما لا يخفى.
فالصواب أن يحمل كلامه على ما ذكرنا بأن يقال : مراده من السواد الحقيقي مطلق السواد من دون اعتبار إضافته إلى أمر آخر ، أي السواد إذا اخذ مطلقا ويعتبر في نفسه ومن حيث السوادية فلا يتصوّر فيه شدّة وضعف ، إمّا باعتبار أنّ الشدّة والضعف لا يحصل بدون المقايسة وإمّا باعتبار أنّ في صدق السواد وحيثيّة السوادية لا اختلاف بين الفردين ، بل الاختلاف بينهما بالذات ، وقوله [أي الشيخ] : بل الشيء الذي هو سواد. الخ [ما مرّ في ص ٢٠٠]. اريد به أنّ الشيء الذي هو سواد بالقياس إلى شيء يكون ذلك الشيء الثاني بياضا بالقياس إلى الآخر ، أي ذلك الشيء الأوّل. (١)
والمراد بكونه بياضا عنده أنّه أقرب إلى البياض منه أو أضعف سوادا منه أو نحو ذلك.
وعلى هذا لا يلزم شيء من الأمرين المذكورين ولا كون المقايسة مخصوصة بالطرف فافهم.
قوله [ص ٢٠٠] : لعل المراد بقوله. الخ.
قد عرفت فساد هذا المعنى وأنّ القول بالتشكيك لا يقتضي كون كلّ حدّ
__________________
(١) اعلم أنّ بعض النسخ التي عندنا من الشفاء لا يكون فيه [أي في العبارة التي مرّت في ص ٢٠٠] كلمة «الواو» قبل «هو بياض» ، وعلى هذا حمله على ما ذكرنا لا تكلّف فيه ، والنسخة التي رأيناها من مقالة هذا القائل نقل فيها العبارة مع الواو ، وعلى هذا ، وإن كان حملها على ما حملنا ، فيه بعد ما ، لكن ارتكاب مثل هذا البعد في كلام الشيخ ليس ببعيد سيّما إذا عارضه كون الحمل الآخر غلطا فاحشا غير متصوّر وقوع مثله من مثله. منه رحمهالله.