السواد الحقيقي عنده موجود في الطرف والأوساط ، فيلزم أن يكون في كلّ سواد كيفيّتان محسوستان ، وهو أمر عجيب مع أنّ الظاهر من كلامه بل صريحه أنّ السواد الحقيقي ليس جنسا للأوساط فعلى هذا يلزم أن يكون في الأوساط ثلاث كيفيات وهو أعجب!
فإن قيل : إنّ السواد الحقيقي ليس من الكيفيات المحسوسة.
فنقول : لا نعني بالسواد إلّا الكيفيّة المحسوسة فعند هذا يكون هذا الأمر النسبي الذي ذكره هو السواد الحقيقي وليس سواد آخر غيره ، فما معنى جعل السواد حقيقيا ونسبيا.
فإن قيل : المراد أنّ هذا الأمر المحسوس الذي نسمّيه بالسواد النسبي أمر عارض لحقيقة أفراده وحقيقة أفراده ليست بمحسوسه ، وهي التي نسمّيها السواد الحقيقي والمنازعة في تسميتها بالسواد منازعة لفظية.
قيل : إنّ هذا مع أنّه لا يمكن حمل كلامه عليه كما لا يخفى فاسد أيضا ، إذ على هذا صار محصّل الكلام أنّ
السواد الذي نحسّه ويكون من قبيل الكيفيات المحسوسة عارض لأفراده ، كما زعمه المحقق الطوسي على ما هو الظاهر ممّا نقله عنه سابقا. ويظهر أيضا من كلامه في شرح الإشارات وقد أشرنا سابقا إلى ما فيه ونعيده ونزيده بيانا أيضا تثبيتا لأقدام الأفكار وحدبا على النظّار.
فنقول : القول بأنّه عرضي إمّا باعتبار أنّه مقول بالتشكيك أو باعتبار أنّ الأوساط نسبتها إلى السواد والبياض واحدة. فلو كان السواد جنسا لكان البياض أيضا جنسا وهما في مرتبة واحدة بالنسبة إليها قطعا فيلزم أن يكون جنسان لشيء في مرتبة واحدة وهو باطل.