وقال أيضا في موضع آخر في بيان هذا المطلب : وبالجملة لو شئنا أن نوصل الجسم إلى الإنسان قبل الحيوان لم يمكن ، وذلك لأنّ الموصول إليه حينئذ لا يكون إنسانا ، لأنّ ما لم يكن حيوانا لم يكن إنسانا. وهذا أيضا مؤيّد لما ذكرنا ، إلى غير ذلك من كلماته وعباراته فتتبّع.
قوله [ص ١٩٥] : هذا لا دخل له في نفي التشكيك.
فساده ظاهر ، إذ حاصل الكلام أنّ التشكيك بالأولويّة بمعنى كون المشكّك مقتضى لذات بعض أفراده دون بعض ، ممّا لا يتصوّر في الذاتيات ، إذ الذاتي لا يكون مجعولا للذات فلا يتصوّر هذا المعنى فيه ، وهذا كلام جيّد لا غبار عليه ، غاية الأمر أنّه يمكن أن يذكر وجه آخر أيضا لعدم جريان التشكيك بهذا المعنى في الذاتي بأن يقال : ولو سلّم أنّه يجوز أن يكون مجعولا للذات يكون في جميع الأفراد كذلك ، إذ لا تفاوت بين ذات وذات في هذا المعنى بالضرورة. وحينئذ أيضا لا يكون تشكيك بهذا المعنى ، وهذا لا يصير سببا لأن يكون الوجه الأوّل دخيلا ، غير واقع موقعه وهو ظاهر.
قوله [ص ١٩٥] : لا يخفى أنّ اختلاف الحصص. إلخ.
أنت خبير بأنّه لا خفاء في أنّ مراد المحشّي أنّ أحد الفردين يكون أزيد وأشدّ من الآخر كما يظهر من كلماته فيما بعد ، وإسناد الزيادة والشدّة إلى الحصّة إمّا باعتبار أنّ مراده أنّ الحصّة تزيد وتشتدّ باعتبار انضمام الفصول ، أو العوارض المشخّصة ، ومثل هذه العبارة شائع. مثلا يقولون : إنّ جنس السواد يشتدّ ويضعف بسبب الفصول ولا يخطئه أحد أو أنّه تسامح بناء على أنّ في بادئ النظر (الرأي خ) يتراءى أنّ حصّة السواد مثلا شديدة ، والمراد بالحصة في قوله : «لكنّها داخلة في حصّتها» على الأوّل هو الفرد وعلى الثاني ظاهرها ، فافهم.