من تقدّم ثبوت الجسم بمعنى المادة للإنسان على ثبوت الحيوان له ليس إلّا أنّ وجود الجسم بهذا المعنى مقدّم على وجود الحيوان ، كما يشعر به بعض كلماته التي رأيناها ولم تحضر لي الآن هذه العبارة التي نقلها المحشّي حتى ننظر فيها.
قوله [ص ١٩٤] : الوجه أن يقال بدل هذا. إلخ.
هذا ليس بوجه ، إذ الشيخ على ما رأينا كلماته وإن لم تحضر الآن هذه العبارة منه لم يدّع إلّا أنّ الحيوان سبب لوجود الجسم بمعنى الجنس للإنسان ، بمعنى أنّه ما لم يصر الجسم حيوانا ، لم يصر إنسانا ، فالحيوان واسطة في ثبوت الجسم للإنسان ، ولم نر أنّه يدّعي أنّ حمل الحيوان على الإنسان يثبت لحمل الجسم عليه ، كيف وقد ذكرنا سابقا أنّ هذا ممّا لا يستقيم أصلا ، وإذا لم يكن هذا المعنى معنا صحيحا ولم يقع من الشيخ تصريح به فلا وجه لأن ينسب إليه.
وعلى هذه ، العبارة التي في الحاشية هي الصحيحة لا بدّ لها.
فان قلت : قوله «على ثبوت الحيوان له» ، يدلّ على أنّ المراد هاهنا أيضا تقدّم ثبوت الحيوان للإنسان ، على ثبوت الجسم ، لا نفس الحيوان.
قلت : لا دلالة له على ذلك أصلا ، إذ على ما ذكرنا يصير حاصل الجواب أنّ ثبوت الجسم بمعنى المادّة للإنسان ، مقدّم على ثبوت الحيوان له وذلك لا ينافي أن يكون نفس الحيوان سببا لوجود الجسم بمعنى الجنس للإنسان ، وهذا ممّا لا محذور فيه ، مع أنّه يمكن أن يكون كلام الشيخ بنحو آخر لا بهذا العنوان بعينه.
ويؤيّد أيضا ما ذكرنا ، أوّل كلامه ، حيث قال : إنّ الحيوان كيف يكون سببا لكون الإنسان جسما.