الإنسان أو بالعكس أم لا؟ فهو محلّ نظر.
والظاهر أنّه لا تأخّر في شيء منهما بل هما في مرتبة واحدة ، إذ بعد تحصّل الجسم حيوانا إذا صار الحيوان إنسانا ، ففي هذه المرتبة كما يصحّ أن يقال : إنّ الحيوان يحصل إنسانا يصحّ أن يقال : إنّ الجسم يحصل إنسانا ، إذ الحيوان هو الجسم المحصّل ، فعند تحصّله إنسانا وفي مرتبته يحصل الجسم أيضا إنسانا ولا يجد العقل تقدّما وتأخرا أصلا.
وحال اعتبار قرب الحيوان من الإنسان بالنسبة إلى الجسم أو أقدميّة الجسم في الوجود بالنسبة إلى الحيوان ، قد عرفته وعرفت أنّه لا يصير مناطا للأحكام العقلية.
وإن لم يكن حصولها مترتبة في الزمان ، كأن وجد الإنسان بغتة. فحينئذ إن قلنا بأنّ الطبيعة لا بشرط ، مقدّمة على الطبيعة بشرط شيء ، كما ينسب إلى الشيخ فحكم هذا الشق أيضا حكم سابقه بعينه.
فان قلت : إذا كانت الطبيعة لا بشرط ، متقدّمة في الوجود على الطبيعة بشرط شيء فثبوتها أيضا لشيء متقدّم على ثبوت بشرط شيء له ، فيكون ثبوت الجسميّة للإنسان متقدّما على ثبوت الحيوانية له.
قلت : لا تلازم بينهما كما هو الظاهر مع أنّ تقدّمها في الوجود أيضا ليس بظاهر.
وإن لم نقل بتقدّمها فالظاهر أن لا تقدّم ولا تأخّر في شيء من الثبوتات المذكورة ، فلا صدق الجسم على الحيوان مقدم على صدقه على الإنسان ولا على صدق الحيوان على الإنسان وكذا البواقي.