شيء من الامور المذكورة بالنسبة إليها ، مثلا ثبوت البيت للبيت لا يتوقف على ثبوت الجدران له مثلا ولا العكس.
وكذا ثبوت الجدران له لا يتوقّف على ثبوت السقف وغيره من الأجزاء ولا العكس ، بل تلك الثبوتات كلّها حاصلة في مرتبة وجود البيت من دون تقدّم وتأخّر ، كما تشهد به الفطرة السليمة.
وما يتوهّم من أنّ ثبوت الجزء للكلّ أقدم من ثبوت جزء الجزء له باعتبار قربه إلى الكلّ ، فاعتبار وهمي ليس من العقل في شيء.
وكيف يتوهّم أن يكون ثبوت الكلّ لشيء متقدّما على ثبوت الجزء له ، وهل هو إلّا مثل وجود الكلّ بدون الجزء وفي مرتبته؟ إذ لا فرق أصلا بين الثبوت في نفسه والثبوت لشيء في هذا المعنى كما تحكم به البديهة ، مع أنّه معارض أيضا بعكسه حيث إنّ جزء الجزء أقدم في الوجود فتقدّم ثبوته للكلّ أيضا.
وبالجملة : مثل هذه الاعتبارات لا يكون مناطا لحكم عقلي.
وأمّا الذهنية ، فإن كان حصولها مترتبة في الزمان كأن كان الجسم أوّلا نباتا ثمّ صار بعد زمان حيوانا ثمّ بعد زمان إنسانا ، فحينئذ نقول : لا شكّ أنّ صيرورة الجسم إنسانا في هذا الفرض موقوفة على صيرورته أوّلا حيوانا ، وصيرورة الحيوان إنسانا موقوفة على صيرورة الجسم أولا حيوانا. فصحّ أنّ صدق الجسم على الإنسان موقوف على صدق الجسم على الحيوان ، وكذا صدق الحيوان على الإنسان موقوف على صدق الجسم على الحيوان.
وأمّا أنّ صدق الجسم على الإنسان هل يتأخّر عن صدق الحيوان على