السواد عليهما مختلفا ، فلا يكون السواد بالنسبة إليهما ما فيه الاختلاف ، بل يختلف حمل المشتقّ من السواد على الجسمين المعروضين للسوادين ، فالتشكيك بحسب الأشدّ والأضعف عنده يرجع إلى أولويّة خاصّة.
وفيه نظر ، لأنّ الذي يفهم من كلام الشيخ وغيره أنّ السواد والبياض متضادّان بينهما غاية الخلاف ، وأنّ كلّ واحد من الأوساط سواد بالنسبة إلى أحد الطرفين بياض بالنسبة إلى الآخر ، وحاصله يرجع إلى القرب والبعد من الطرف الحقيقي أو كون حصول آثار الطرف منه أكثر لا كون حقيقة السواد والبياض ذاتيا للأوساط ، ولو كان السواد جنسا للسواد الشديد والضعيف يلزم أن يكون البياض أيضا كذلك ، فيلزم أن يكون للشيء جنسان لا يكون أحدهما تحت الآخر وهو باطل ، بل يلزم أن يكون السواد الذي هو الطرف داخلا تحت جنس البياض والسواد وهو فاسد.
اعلم أنّ المحقّق الطوسي رحمهالله صرّح بأنّ البياض ليس بجنس بالنسبة إلى البياضين حيث قال : وينبغي أن يعلم أنّ الواقع بالتشكيك كالبياض الواقع على بياض الثلج وبياض العاج لا يمكن أن يكون ذاتيا مقوما لما يقع عليه فإنّ الذاتيات يحمل بالسواء والتواطؤ على ما هو ذاتيّات له فإذن لا شيء من الواقع بالتشكيك على أشياء جنسا لها ولا فصلا ولا نوعا ، انّما هو خاصّة أو عرض عام لتلك الأشياء ويكون كلّ واحد من تلك الأشياء نوعا ، مثلا بياض العاج نوع من اللون وبياض الثلج نوع آخر والبياض خاصّة للون وعرض عام لهما ، وكذلك العلم اعراض عامّة لما يطلق عليه اسم العلم لا أنواع ولا يشملها جنس واحد.
انتهى كلامه. (١)
__________________
(١) راجع شرح الإشارات ٣ / ٣٤