ولا يخفى أنّ قوله : لأنّا نقول منع في مقام الاستدلال وانّ ظاهر قوله «على أن إبقاء» ـ إلى آخره ـ دال على أنّه جواب آخر غير الجواب الأوّل وهو لا يكاد يصحّ لأنّ ما ذكره في الجواب الأوّل من وجود الدليل ليس إلّا أنّ ظاهر الأوامر المطلقة يدل على إطلاق الأمر وعدم تقييده ويلزم منه وجوب المقدّمة ، وحينئذ لو لم يتمسك بأنّه إذا دل الظاهر على خلاف الأصل يلزم العمل بالظاهر لم يتم المراد ولم يسقط القول بمعارضة الأصل ، والظاهر كما ذكرنا فليس جوابا على حدة بل لا بدّ منه في إتمام الجواب الأوّل فتأمّل.
واعلم أن السيّد بعد ما فرّق في «الذريعة» بين السّبب وغيره في هذا المقام بقريب مما ذكرنا حيث قال :
«الفرق بين الأمرين انّه محال أن يوجب علينا المسبب بشرط اتفاق وجود السّبب وإنّما فسد ذلك لأنّ مع وجود السبب لا بدّ من وجود المسبب إلّا لمنع ومحال أن يكلفنا الفعل بشرط وجود الفعل ، وليس كذلك مقدمات الافعال لأنّه يجوز أن يكلفني الصّلاة بشرط أن أكون قد تكلفت الطهارة كما جرى ذلك في الزكاة والحج ، فبان الفرق بين الأمرين.
قال : وإذا كان إيجاب المسبّب إيجابا لسببه فإباحة المسبّب إباحة للسّبب وكذلك تحريمه.
وفي الجملة احكام المسبب لا بدّ من كونها متعدّية إلى السبب فأمّا أحكام السّبب في إباحة أو حظر أو إيجاب فغير متعدّية إلى المسبّب ، لأنه يمكن مع وجود السّبب المنع من المسبب.» انتهى. (١)
__________________
(١) الذريعة : ٨٥ طبع ١٣٤٦ ش.