قلت : لا خفاء في أنّه إذا دلّ ظاهر على خلاف أصل لا بد من ارتكاب خلاف الأصل بناء على العمل بالظواهر وإلّا سقطت الاستدلالات اللفظيّة الظاهريّة كما لا يخفى.
والفاضل المذكور في رسالته أورد الوجهين المذكورين ثمّ قال في ذيل الوجه الثاني :
«لا يقال نختار الأوّل وهو وجوب المقدمة وارتكاب خلاف الأصل بناء على أنّ وجوب المشروط مطلق والتقيّد بحال وجود المقدّمة خلاف الأصل ، لأنّا نقول : القول بوجوب المقدّمة يحتاج إلى ثبوت أنّ مخالفة الأصل في وجوب المقدمة أولى من مخالفة الأصل في التقييد وهو ممنوع.
والجواب عن الأوّل : أنّ التكليف غير مقيد بحال وجود المقدمة ونحن نعلم في هذه الصورة صحة المؤاخذة لو ترك الفعل مع ترك مقدماته ، وعدم صحة الاعتذار والتعليل بعدم وجود المقدمة ، وتلك الامور دلائل على أنّ التكليف متعلق بالمقدمات ، ألا ترى أنّ المولى لو قال لعبده : اسقني الماء ، لم يصحّ منه التعليل بعدم حضور الماء أو عدم حركته إلى طلب الماء أو غيرها ، وبهذا يظهر الجواب عن الثاني أيضا لأنّ القول بوجوب المقدمة ليس من مخالفة الأصل بلا دليل بل الدليل دل عليه ، وظهر أيضا اندفاع ما يقال من أنّ القول بوجوب المقدمة المخالفة للأصل ليس بأولى من القول بتقيّد المطلق ، على أنّ إبقاء الألفاظ على ظواهرها أولى من إبقاء أصل الإباحة على حاله وإلّا سقطت الاستدلالات اللفظية كما لا يخفى.» انتهى كلامه. (١)
__________________
(١) راجع ص ٧٠ ـ ٧١.