وفي هذا الكلام خلل.
أمّا أوّلا : فلأن ما ذكره إنّما يدلّ على أنّه لا يصحّ تقييد وجوب المسبب بوجود سببه لا أنّ إيجاب المسبب إيجاب لسببه فكيف أخذه أصلا وفرع عليه ما فرع بمجرّد ما ذكر؟
وأمّا ثانيا : فلأنّه إذا كان جميع أحكام المسبب متعديا إلى السبب كما قرره فإذا فرضنا أن السّبب واجب مثلا فلو لم يتعد حكمه إلى المسبّب ، فالمسبب إمّا حرام ، أو مباح ، وعلى التقديرين يلزم أن يكون السبب أيضا كذلك هذا خلف.
والجواب عن الخللين ربما يظهر بعد التأمّل. هذا.
وأمّا الخلاف الثالث وهو أن الأمر بذي المقدمة هل هو مشروط بوجود المقدمة ولا يمكن أن يكون مطلقا أو لا؟ فما يمكن أن يحتج به على الاحتمال الأوّل منه هو الدليل الثالث على القول الأوّل في الخلاف الأوّل كما أشرنا إليه ثمة وقد عرفت جوابها.
فالصّواب إذن هو الاحتمال الثاني كما يحكم به الوجدان ظاهرا.
وأمّا الخلاف الرابع الواقع على تقدير تحقّق الاحتمال الأوّل من هذين الاحتمالين وهو أنّ الأمر المطلق الوارد بذي المقدمة مع كونه مقيدا بوجود المقدّمة هل يدل ظاهرا على وجوب المقدّمة أو لا؟ فحجة الاحتمال الأوّل منه وهو الصّواب ما ذكرنا من الحجة على ما اخترناه في الخلاف الثاني ، وحجة الاحتمال الثاني أصالة عدم الوجوب. والجواب ما ذكرنا سابقا من وجوب العدول عن الأصل لدلالة الظّاهر. فتدبّر.