الاحتمالين من ضم السبب إليه وعدمه.
لكن عند التحقيق لا وجه للقول الثاني (١) إذ لا معنى لتقييد وجود الشيء بوجود سببه ، إذ قد عرفت سابقا أن الظاهر أن عند اختيار السبب لا حسن لاستمرار التكليف فكيف بابتدائه.
ولا يخفى أنّ منزلة هذا التكليف عند العقل منزلة التكليف بالشيء بشرط وجوده بلا تفرقة وهو باطل ضرورة ، وهذا بخلاف الشرط لأنّ عند وجوده لم يتحقق اختيار المشروط ولا اختيار سببه فلا فساد في تقييد وجوب المشروط بوجوده.
وأمّا القول الرابع والخامس فهو أيضا ممّا لا وجه للذهاب إليه ، إذ لم يتخيل فرق بين الشرط الشرعي وغيره في هذا المقام بخلاف المقام الأوّل كما عرفت ، فانحصر في اثنين الأوّل والثالث وذهب إلى الأوّل منهما أكثر المتقدمين والمتأخرين وهو الصّحيح ، وذهب إلى الثاني السيّد المرتضى. ولما فرق السيّد بين السّبب وغيره في هذا المقام بناء على المعنى الذي ذكرنا آنفا نسب إليه القول الثالث المذكور في الخلاف الأوّل وكأنه فرية ، بل الظاهر أنّه ذهب في الخلاف الأوّل إلى القول الأوّل كما سيظهر عن قريب.
أمّا القول الأوّل فالحجة عليه أنّه إذا أمر السيد عبده بسقي الماء بأن يقول له : اسقني الماء من غير تقييد في اللفظ ولا قرينة عليه وكان السقي متوقفا على المشي مثلا وكان العبد قادرا على المشي فلم يمش ولم يسق سيده فلا شك انّ العقلاء يذمّونه البتة ولا يقبلون تعليله بعدم اتفاق وجود المشي منه ، وهذا دليل
__________________
(١) لا يخفى أنّ الاحتمالات العقلية أكثر ممّا ذكر ، لكن تركنا بعضها لشدّة بعده. منه رحمهالله.