عقلا مع قطع النظر عن اعتبار الخصوصيّة المعتبرة شرعا وليس هناك كذلك ، ومجرد هذا الفرق لا يكفي للحكم بالوجوب في أحدهما دون الآخر. فالفرق تحكم.
وبالجملة : إذا أمر الشارع بالصلاة مثلا ولم يخاطب بالخطاب الوضعي المذكور كان تمام المأمور به [في الخطاب السابق] حقيقة الأركان المعينة من غير خصوصية اخرى ، ثمّ إذا خاطب بالخطاب الوضعي الدال على اشتراطها بالوضوء ظهر أن ليس المراد بالمأمور به في الخطاب السابق حقيقة الأركان المذكورة مطلقا بل الطبيعة المتخصّصة بكونها صادرة عن المتطهر ولا يلزم وجوب الطهارة ، إذ هي مما يتوقف عليه المأمور به وليست نفسه ولا جزءه ، وإيجاب الشيء لا يستلزم إيجاب ما يتوقف عليه عند المستدل ، ولا يلزم أيضا أن يكون الخصوصية واجبا على حدة ، إذ ليس الواجب إلّا الطبيعة المتخصصة بهذه الخصوصية ، فإذا أمرنا بصلاة الظهر مثلا لم يلزم ان يكون طبيعة الصلاة واجبا على حدة وكونه ظهرا واجبا آخر بل الواجب أمر واحد مركب من أجزاء موجودة في الخارج أو منحلّ إلى أجزاء في العقل ولا عقاب بإزاء كل واحد منها.
وبالجملة : إذا تركنا الوضوء وفعلنا الصلاة أو فعلنا الوضوء وتركنا الصلاة كان العقاب على ترك الصلاة الواجبة المخصوصة بالخصوصية المذكورة لا على ترك الوضوء أصلا إلّا على القول باستحقاق العقاب على ترك المقدّمات مطلقا.
ويمكن دفعه بأنّه قد ثبت أنّ التكليف بالمسبب تكليف بالسّبب ، ولا شكّ أن الصلاة المخصوصة بكونها صادرة عن المتطهر عبارة عن أفعال معينة مع هيئة اعتبارية ولا يمكن تحصيلها إلّا بإيجاد سببها فيكون التكليف بالصلاة المخصوصة بتلك الهيئة تكليفا بأسبابها وسببها الأركان المخصوصة مع الطهارة