والتّفصيل اللّائق بالمقام أن يقال : إنّ ما يترتب على فعل العبد أنواع :
منها : مثل الإحراق المتولّد من إلقائه شيئا في النار ، والظاهر أنّ مثل هذا فعل طبيعة النّار وأنّ الصّادر من العبد ليس إلّا الالقاء ، ففي مثل هذه الصورة الظاهر أنّ الأمر إذا صدر بالإحراق كان بالإلقاء فقط ، إذ الأمر بفعل الغير لا وجه له.
ومنها : مثل رمي الحجر والسهم ونحوهما ، فعلى رأي من يقول الحركة القسرية إنّما يصدر عن طبيعة المقسور بتسخير القاسر إياها ، لا عن القاسر بدليل إمكان بقائها بعد القاسر ، الظاهر أنّ الأمر بالرمي أمر بحركة اليد بحيث يصير مسخرة للسهم والحجر فقط لا بحركة السّهم والحجر أيضا ، لأنها فعل الغير ، وعلى رأي من يقول بصدورها عن القاسر فالأمر أمر به حقيقة سواء قلنا إنّه يصدر عن العبد بتوسّط حركة اليد ، أو يصدر عن حركة اليد.
ومنها : مثل حركة المفتاح والقلم ونحوهما ، والظاهر حينئذ أنّ حركتهما إمّا من العبد بتوسّط حركة اليد أو من حركة اليد ، وعلى التقديرين الأمر بهما مما لا خدشة فيه أصلا ، وأما كونهما من طبيعة المفتاح والقلم بتسخير القاسر فغير ظاهر إذ الدليل المذكور غير جار فيه ولا يظهر دليل غيره ، والعرف والعادة يحكمان بكونهما من العبد ، وكذا حسن مدح العبد وذمه عليهما.
ومنها : مثل نحت الخشب ونحوه ، والظاهر حينئذ أيضا أنّه إمّا من العبد بتوسط المنشار ونحوه وبتوسط حركة اليد وإمّا من حركة اليد بتوسط المنشار ونحوه ، وعلى التقديرين يصحّ الأمر به ، وأمّا كونه من المنشار وكون حركته من نفسه بتسخير النجار فخلاف الظاهر.
ومنها : ما يترتب على النحت مثلا من الهيئة التي تحصل للخشب والظاهر