على رأي الحكماء أنها ليست من فعل العبد ، بل من فعل الله تعالى بدليل إمكان بقائه بعد العبد وإنّما العبد معدّلها بحركة اليد والآلات وعلى هذا إذا صدر أمر ظاهرا بمثلها فبالحقيقة متعلّقه النحت ونحوه لا الهيئة ، ويظهر من كلام بعض المتكلمين أنّها من فعل العبد كما نقلنا سابقا أنهم يزعمون أن إصابة السّهم للرمية والآلام الحادثة بعدها من فعل الرامي ، وعلى هذا يصح تعلق الأمر بها. والظاهر هو الأوّل وما يتراءى من حسن مدح العبد وذمه عليهما فأمره سهل ، إذ لا بعد في إرجاعهما إلى المدح والذم على أسبابها ومثل هذا لا يصلح أن يعارض الدليل العقلي القائم على أنّ الأثر لا يبقى بعد المؤثر ولا يحدث بعده بطريق الأولى.
ومنها : مثل الامور الاعتبارية الّتي يترتب على الفعل كالزوجية المترتبة على وجود الأربعة وتساوي الزوايا الثلاث للقائمتين المرتب على وجود المثلث ونحوهما ، ومثل هذه يمكن اعتباره بنحوين : أحدهما بأن يؤمر بإيجاد الزوجية والتساوي ، وثانيهما بأن يؤمر بإيجاد الزوج والمساوي ، والظاهر أن مثل هذه الامور إن كانت لازمة للفعل كالزوجية والتساوي المذكورين فاستنادها إمّا إلى الفعل أو إلى الفاعل بتوسط الفعل كما يقال : إنّ موجد الشيء موجد لصفاته الذاتية ، وعلى التقديرين يصح الأمر بها حقيقة سواء قلنا إنّ إيجاد الفاعل لها إيجاد بالذات أو بالعرض ، إذ لا منافاة بين أن يكون المطلوب بالذات والمقصود حقيقة هذه الامور وإن كان إيجادها بالعرض ، لأنّ ما يقتضيه الأمر أن يكون إيجاد المأمور به ممكنا سواء كان إيجاده بالذات أو بالعرض ، وكون إيجاده بالعرض لا يستلزم أن يرجع الأمر حقيقة إلى ما هو إيجاده بالذات.
ولا يذهب عليك أنّ يكون إيجاد هذه الامور بالعرض في الاعتبار الثاني الذي ذكرنا أظهر وإن كانت غير لازمة للفعل فينظر في الامور الاخرى التي