بالعرض ، ومناط التكليف الإيجاد فلما كان الإيجاد متعلقا بالسبب حقيقة وبالمسبب بالعرض كان التكليف أيضا متعلقا بالسبب حقيقة وبالمسبب بالعرض ، لأنّ الكلام على تقدير كون الفاعل موجدا للفعل التوليدي حقيقة وحينئذ لا يمكن كون تعلق الإيجاد به بالعرض إذ يصير بمنزلة أن يقال زيد موجود بعمرو حقيقة لكن ما أوجده حقيقة ولا يخفى ما فيه من التناقض ، نعم لو لم يكن معنى بالعرض بالمجاز كما هو الظاهر عندنا لكان لهذا القول وجه.
لكن حينئذ نقول : لا يلزم أن يكون تعلق التكليف حقيقة بما إيجاده بالذات ، بل يجوز أن يتعلق حقيقة بما إيجاده بالعرض.
وأمّا أن يراد أنّه فعل الله تعالى لكن ينسب إلى العبد بالعرض كما هو رأي بعض فبمنع ما ادّعاه إذ لا دليل عليه أصلا.
ودعوى الوجدان غير مسموعة مع أن الشواهد من حسن المدح والذم عليه مؤيّد للمنع ومقو له على أن بعض العلماء قد ادّعى أيضا في كون الأفعال التوليدية فعلا للعبد ، والمحقق الطوسي أيضا ادّعى ذلك على ما نسب إليه العلّامة الحلّي.
وأمّا أن يراد أن موجد تلك الأفعال الأفعال المباشرية لا العبد فمع أنّه لم يذهب إليه أحد ، فيه أيضا ما مرّ في سابقه.
ولو سلّم فنقول : لا نسلم أنّ التكليف بالشيء يستلزم أن يكون وجوده من المكلف ابتداء ، بل يكفي أن يكون وجوده من فعله الذي يصدر عنه بالقدرة والاختيار لكن بشرط أن لا يكون صدوره من ذلك الفعل بالقدرة والاختيار ، وكفى مؤيّدا للمنع مدح العقلاء وذمّهم على تلك الأفعال من دون ملاحظة ارجاعه إلى الأسباب.